للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَيْ: الْوَصِيَّانِ أَوْ تَغَيَّرَ حَالُهُمَا (أُقِيمَ) ؛ أَيْ: أَقَامَ الْحَاكِمُ (مَقَامَهُ) فِي الْأُولَى أَمِينًا لِيَتَصَرَّفَ مَعَ الْآخَرِ (أَوْ) أَقَامَ (مَقَامَهُمَا) فِي الثَّانِيَةِ لِئَلَّا يَتَعَطَّلَ الْحَالُ (وَلَيْسَ لِحَاكِمٍ اكْتِفَاءٌ بِبَاقٍ) مِنْ الْوَصِيَّيْنِ؛ لِأَنَّ الْمُوصِيَ لَمْ يَكْتَفِ بِأَحَدِهِمَا، فَلَا يَجُوزُ لِلْحَاكِمِ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ؛ إذْ الْوَصِيَّةُ تَقْطَعُ نَظَرَ الْحَاكِمِ وَاجْتِهَادَهُ (وَمَنْ عَادَ إلَى حَالِهِ مِنْ عَدَالَةٍ أَوْ غَيْرِهَا) بَعْدَ تَغَيُّرِهِ (عَادَ إلَى عَمَلِهِ) مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى تَوْلِيَةِ الْحَاكِمِ وَلَوْ (بَعْدَ عَزْلِهِ) لِزَوَالِ الْمَانِعِ (بِلَا عَقْدٍ جَدِيدٍ، خِلَافًا لَهُ) ؛ أَيْ: لِصَاحِبِ " الْإِقْنَاعِ "، فَإِنَّهُ قَالَ: وَإِنْ زَالَتْ؛ أَيْ: الصِّفَاتُ الْمُعْتَبَرَةُ مِنْ الْإِسْلَامِ وَالتَّكْلِيفِ وَالرُّشْدِ وَالْعَدَالَةِ بَعْدَ الْمَوْتِ أَوْ بَعْدَ الْوَصِيَّةِ، وَلَمْ تَعُدْ قَبْلَ الْمَوْتِ؛ انْعَزَلَ، وَلَمْ تَعُدْ وَصِيَّتُهُ إلَّا بِعَقْدٍ جَدِيدٍ. (وَيَتَّجِهُ) اعْتِبَارُ (هَذَا) ؛ أَيْ: الْمُتَغَيِّرُ حَالُهُ أَنَّهُ [إذَا] عَادَ يَعُودُ إلَى عَمَلِهِ مِنْ غَيْرِ عَقْدٍ جَدِيدٍ (فِي وَصِيِّ الْمَيِّتِ) الَّذِي رَضِيَ بِهِ وَصِيًّا، وَأَقَامَهُ مَقَامَ نَفْسِهِ، فَلَا يَفْتَقِرُ عَوْدُهُ لِتَجْدِيدِ عَقْدٍ، كَالْأَبِ إذَا فَسَقَ تَعُودُ وِلَايَتُهُ بِعَوْدِ الْأَهْلِيَّةِ؛ لِأَنَّ وِلَايَتَهُ عَنْ سَبَبِ الْأُبُوَّةِ وَهُوَ ثَابِتٌ (لَا مَنْ أَقَامَهُ حَاكِمٌ) فَتَغَيَّرَ حَالُهُ، ثُمَّ عَادَ؛ فَلَا يَعُودُ إلَى عَمَلِهِ إلَّا بِعَقْدٍ جَدِيدٍ؛ لِأَنَّ إقَامَتَهُ سَبَبُهَا تَوْلِيَةُ الْحَاكِمِ، وَقَدْ بَطَلَ السَّبَبُ، فَلَا بُدَّ فِي الْعَوْدِ مِنْ مِثْلِ ذَلِكَ السَّبَبِ، ثُمَّ مَا تَصَرَّفَ بَعْدَ الْبُطْلَانِ مَرْدُودٌ لِصُدُورِهِ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِ، لَكِنَّ رَدَّ الْوَدَائِعِ وَالْغُصُوبِ وَالْعَوَارِيِّ وَقَضَاءِ الدُّيُونِ الَّتِي جِنْسُهَا فِي التَّرِكَةِ، تَقَعُ مَوْقِعَهَا؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ وُصُولُهَا إلَى أَهْلِهَا، وَهُوَ حَاصِلٌ بِذَلِكَ، وَإِذَا أُعِيدَ وَكَانَ أَتْلَفَ مَالًا؛ فَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ بَرَاءَتُهُ بِالْقَبْضِ مِنْ نَفْسِهِ، فَإِنَّ ذَلِكَ ثَابِتٌ لِلْأَبِ، وَقَدْ نَصَّ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد عَلَى أَنَّ الْوَصِيَّ بِمَنْزِلَةِ الْأَبِ فِي كُلِّ شَيْءٍ إلَّا فِي النِّكَاحِ.

وَقَالَهُ الْحَارِثِيُّ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>