للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ طَلَاقًا بِشَرْطٍ، ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ وُجُودِهِ لِزَوَالِ مِلْكِهِ؛ فَتَبْطُلُ تَصَرُّفَاتُهُ

(وَمَنْ وَصَّى زَيْدًا) عَلَى أَوْلَادِهِ وَنَحْوَهُ (ثُمَّ) وَصَّى (عَمْرًا؛ اشْتَرَكَا) كَمَا لَوْ وَكَّلَهُمَا كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ رُجُوعٌ عَنْ الْوَصِيَّةِ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا، فَاسْتَوَيَا فِيهَا، كَمَا لَوْ أَوْصَى لَهُمَا دَفْعَةً وَاحِدَةً (إلَّا أَنْ يَخْرُجَ زَيْدًا) فَتَبْطُلَ وَصِيَّتُهُ لِلرُّجُوعِ عَنْهَا (وَلَا يَنْفَرِدُ بِتَصَرُّفٍ وَحِفْظٍ غَيْرُ وَصِيٍّ مُفْرَدٍ) عَنْ غَيْرِهِ، كَالْوَكَالَةِ؛ لِأَنَّ الْمُوصِيَ لَمْ يَرْضَ إلَّا بِتَصَرُّفِهِمَا، وَانْفِرَادُ أَحَدِهِمَا يُخَالِفُ ذَلِكَ، إلَّا أَنْ يَجْعَلَ الْمُوصِي التَّصَرُّفَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا، فَإِنْ جَعَلَهُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا فَلَهُ الِانْفِرَادُ حِينَئِذٍ؛ لِرِضَى الْمُوصِي بِذَلِكَ، أَوْ يَجْعَلَ التَّصَرُّفَ لِأَحَدِهِمَا وَالْيَدَ لِلْآخَرِ؛ فَيَصِحُّ تَصَرُّفُهُ مُنْفَرِدًا، عَمَلًا بِالْوَصِيَّةِ، وَإِذَا أَرَادَ التَّصَرُّفَ فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِاجْتِمَاعِهِمَا أَنْ يَتَلَفَّظَا بِصِيَغِ الْعُقُودِ مَعًا (بَلْ) مَعْنَاهُ أَنَّ التَّصَرُّفَ (يَصْدُرُ عَنْ رَأْيِهِمَا) وَاجْتِهَادِهِمَا، ثُمَّ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُبَاشِرَ أَحَدُهُمَا التَّصَرُّفَ وَحْدَهُ أَوْ يُبَاشِرَهُ الْغَيْرُ بِإِذْنِهِمَا (وَلَوْ لَمْ يُوَكِّلْ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ أَوْ لَمْ يُبَاشِرْ مَعَهُ) وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي شَيْءٍ وَقَفَ الْأَمْرُ حَتَّى يَتَّفِقَا (وَإِنْ جَعَلَ) الْمُوصِي (لِكُلٍّ) مِنْهُمَا (أَنْ يَنْفَرِدَ بِتَصَرُّفٍ) أَوْ جَعَلَ التَّصَرُّفَ لِأَحَدِهِمَا (كَفَى وَاحِدٌ) مِنْهُمَا مُنْفَرِدًا (وَلَا يُوصِي وَصِيٌّ) لِأَنَّهُ قَصَّرَ تَوْلِيَتَهُ، فَلَمْ يَكُنْ لَهُ التَّفْوِيضُ كَالْوَكِيلِ، وَسَبَقَ فِي الْوَكَالَةِ [لَهُ] أَنْ يُوَكِّلَ فِيمَا لَا يُبَاشِرُهُ مِثْلُهُ أَوْ يَعْجِزُ عَنْهُ فَقَطْ.

قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَالْأَمْرَاضُ الْمُعْتَادَةُ كَالرَّمَدِ وَالْحُمَّى تَلْتَحِقُ بِنَوْعِ مَا لَا يُبَاشِرُهُ، وَمَا لَيْسَ كَذَلِكَ، كَالْفَالِجِ وَغَيْرِهِ يَلْتَحِقُ بِنَوْعِ مَا يُبَاشِرُهُ، (إلَّا أَنْ يَجْعَلَ) الْمُوصَى (إلَيْهِ) ذَلِكَ، فَيَمْلِكُهُ نَحْوَ أَنْ يَقُولَ لِوَصِيِّهِ: أَذِنْت لَك أَنْ تُوصِيَ لِمَنْ شِئْت، أَوْ يَقُولَ: كُلُّ مَنْ أَوْصَيْت إلَيْهِ أَنْتَ فَقَدْ أَوْصَيْت أَنَا إلَيْهِ، أَوْ يَقُولَ: كُلُّ مَنْ أَوْصَيْت إلَيْهِ أَنْتَ فَهُوَ وَصِيِّي؛ فَلَهُ أَنْ يُوصِيَ؛ لِأَنَّ الْمُوصِيَ رَضِيَ رَأْيَهُ وَرَأْيَ مَنْ يَرَاهُ، وَلِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ مَأْذُونٌ فِيهِ، فَكَانَ كَغَيْرِهِ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ (وَإِنْ مَاتَ أَحَدُ اثْنَيْنِ) وَصِيَّيْنِ (لَا يَنْفَرِدَانِ) إنْ لَمْ يَكُنْ الْمُوصِي جَعَلَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا الِانْفِرَادَ (بِالتَّصَرُّفِ أَوْ تَغَيَّرَ حَالُهُ) ؛ أَيْ: أَحَدِهِمَا بِأَنْ جُنَّ أَوْ غَابَ أَوْ وُجِدَ مِنْهُ مَا يُوجِبُ عَزْلُهُ، كَسَفَهٍ وَعَزْلِهِ نَفْسَهُ (أَوْ مَاتَا هُمَا) ؛

<<  <  ج: ص:  >  >>