كَوْنِهِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ بِقَدْرِ مَا قَبَضَ صَاحِبُهُ، وَالْبَاقِي بَيْنَ الْعَبْدِ وَسَيِّدِهِ الَّذِي عَتَقَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ نِصْفَهُ عَتَقَ بِالْكِتَابَةِ وَنِصْفَهُ بِالسِّرَايَةِ، فَحِصَّةُ مَا عَتَقَ بِالْكِتَابَةِ لِلْعَبْدِ، وَحِصَّةُ مَا عَتَقَ بِالسِّرَايَةِ لِلسَّيِّدِ.
(وَإِذَا كَاتَبَ ثَلَاثَةٌ عَبْدًا) لَهُمْ (فَادَّعَى الْأَدَاءَ إلَيْهِمْ) كُلِّهِمْ (فَأَنْكَرَهُ) ؛ أَيْ: أَنْكَرَ وَفَاءَ مَالِ كِتَابَتِهِ (أَحَدُهُمْ) أَيْ: أَحَدُ الثَّلَاثَةِ وَأَقَرَّ الْآخَرَانِ (شَارَكَهُمَا) الْمُنْكِرُ (فِيمَا أَقَرَّا بِقَبْضِهِ) مِنْ الْعَبْدِ، فَلَوْ كَانُوا كَاتَبُوهُ عَلَى ثَلَاثِمِائَةٍ، وَاعْتَرَفَ اثْنَانِ مِنْهُمْ بِقَبْضِ مِائَتَيْنِ، وَأَنْكَرَ الثَّالِثُ قَبْضَ الْمِائَةِ؛ شَارَكَهُمَا فِي الْمِائَتَيْنِ اللَّتَيْنِ اعْتَرَفَا بِقَبْضِهِمَا؛ لِأَنَّهُمَا اعْتَرَفَا بِأَخْذِهِمَا مِنْ ثَمَنِ الْعَبْدِ، وَالْعَبْدُ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمْ، فَثَمَنُهُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمْ، وَلِأَنَّ مَا فِي يَدِ الْعَبْدِ لَهُمْ، وَاَلَّذِي أَخَذَاهُ كَانَ فِي يَدِهِ، فَيَجِبُ أَنْ يَشْتَرِكَ فِيهِ الْجَمِيعُ (وَنَصُّهُ) ؛ أَيْ: الْإِمَامِ أَحْمَدَ (تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا عَلَيْهِ) ؛ أَيْ: عَلَى الْمُنْكِرِ بِمَا قَبَضَهُ مِنْ الْعَبْدِ
قَطَعَ بِهِ الْخِرَقِيِّ وَغَيْرُهُ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ؛ لِأَنَّهُمَا شَهِدَا لِلْعَبْدِ بِأَدَاءِ مَا يَعْتِقُ بِهِ، فَقُبِلَتْ شَهَادَتُهُمَا كَالْأَجْنَبِيَّيْنِ إلَّا أَنَّ ذَلِكَ لَا يَمْنَعُ رُجُوعَ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ عَلَيْهِمَا بِحِصَّتِهِ مِمَّا قَبَضَاهُ، وَإِلَّا لَمَا قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمَا؛ لِأَنَّهُمَا، يَدْفَعَانِ عَنْ أَنْفُسِهِمَا بِهَا مَغْرَمًا، فَإِنْ كَانَ الشَّرِيكَانِ غَيْرَ عَدْلَيْنِ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُمَا، لَكِنْ يُؤَاخَذَانِ بِإِقْرَارِهِمَا، فَيَعْتِقُ نُصِيبُهُمَا، وَيَبْقَى نَصِيبُ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ مَوْقُوفًا عَلَى الْقَبْضِ، وَلَهُ مُطَالَبَةُ الْمُكَاتَبِ بِنَصِيبِهِ أَوْ مُشَارَكَةُ صَاحِبَيْهِ فِيمَا أَخَذَا. وَإِنْ كَانَا عَدْلَيْنِ وَلَمْ يَشْهَدَا؛ أَخَذَ الْمُنْكِرُ مِنْهُمَا ثُلُثَيْ مِائَةٍ، وَمِنْ الْعَبْدِ تَمَامَهَا، وَلَا يَرْجِعُ الْمَأْخُوذُ مِنْهُ عَلَى الْبَاقِينَ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّهُ إنْ أَخَذَ مِنْ الْعَبْدِ؛ فَهُوَ يَقُولُ ظَلَمَنِي، وَإِنْ أَخَذَ مِنْ الشَّاهِدَيْنِ؛ فَهُمَا يَقُولَانِ ظَلَمَنَا، وَأَخَذَ مِنَّا مَا لَا يَسْتَحِقُّهُ عَلَيْنَا، وَالْمَظْلُومُ إنَّمَا يَرْجِعُ بِظُلَامَتِهِ عَلَى مَنْ ظَلَمَهُ.
وَإِنْ أَنْكَرَ الثَّالِثُ الْكِتَابَةَ فَنَصِيبُهُ بَاقٍ عَلَى الرِّقِّ إذَا حَلَفَ أَنَّهُ مَا كَاتَبَهُ إلَّا أَنْ يَشْهَدَا عَلَيْهِ بِالْكِتَابَةِ مَعَ عَدَالَتِهِمَا؛ لِأَنَّهُمَا لَا يَجُرَّانِ بِهَا إلَى أَنْفُسِهِمَا نَفْعًا (وَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ لَا) تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا عَلَيْهِ. قَالَهُ فِي " الْمُغْنِي " " وَالشَّرْحِ " (وَاخْتَارَهُ جَمْعٌ) مِنْهُمْ ابْنُ أَبِي مُوسَى وَصَاحِبُ " الرَّوْضَةِ " " وَالْمُحَرَّرِ " وَصَوَّبَهُ فِي " الْإِنْصَافِ "؛ لِأَنَّهُمَا يَدْفَعَانِ عَنْ أَنْفُسِهِمَا مَغْرَمًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute