وَعَادَ الْأَمْرُ بَعْدَ زَوَالِ الْكِتَابَةِ إلَى حُكْمِ الرِّقِّ، كَمَا لَوْ لَمْ يَزُلْ.
(وَلَا) يَجُوزُ لِلْمُكَاتَبِ أَنْ (يُؤَدِّيَ إلَيْهِمَا) ؛ أَيْ إلَى سَيِّدَيْهِ (إلَّا عَلَى قَدْرِ مِلْكَيْهِمَا) مِنْهُ، فَلَا يَزِيدُ أَحَدَهُمَا، وَلَا يُقَدِّمُ أَحَدَهُمَا عَلَى الْآخَرِ؛ لِأَنَّهُمَا سَوَاءٌ فِيهِ، فَيَتَسَاوَيَانِ فِي كَسْبِهِ، وَحَقُّهُمَا مُتَعَلِّقٌ بِمَا فِي يَدِهِ تَعَلُّقًا وَاحِدًا، فَلَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَخُصَّ أَحَدَهُمَا مِنْهُ بِشَيْءٍ دُونَ الْآخَرِ، فَإِنْ قَبَضَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ شَيْئًا؛ لَمْ يَصِحَّ الْقَبْضُ، وَلِلْمَفْضُولِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ حِصَّتَهُ؛ لِمَا تَقَدَّمَ، وَإِنْ عَجَزَ مُكَاتَبُهُمَا؛ فَلَهُمَا الْفَسْخُ وَالْإِمْضَاءُ، فَإِنْ فَسَخَا جَمِيعًا، أَوْ أَمْضَيَا الْكِتَابَةَ؛ جَازَ مَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ، وَإِنْ فَسَخَ أَحَدُهُمَا، وَأَمْضَى الْآخَرُ؛ جَازَ، وَعَادَ نِصْفُهُ رَقِيقًا وَنِصْفُهُ مُكَاتَبًا (فَإِنْ كَاتَبَاهُ مُنْفَرِدَيْنِ) فِي صَفْقَتَيْنِ (فَوَفَّى) الْمُكَاتَبُ (أَحَدَهُمَا) ؛ أَيْ: الشَّرِيكَيْنِ مَا كَاتَبَهُ عَلَيْهِ، ظَاهِرُهُ وَلَوْ بِلَا إذْنِ الْآخَرِ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَاتَبَاهُ كِتَابَةً وَاحِدَةً (أَوْ أَبْرَأَهُ) أَحَدُهُمَا مِنْ حِصَّتِهِ (عَتَقَ نَصِيبُهُ خَاصَّةً إنْ كَانَ) الْمُسْتَوْفِي لِنَصِيبِهِ أَوْ الْمُبَرِّئُ (مُعْسِرًا) بِقِيمَةِ نَصِيبِ شَرِيكِهِ؛ لِعَدَمِ السِّرَايَةِ إذَنْ (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ مُوسِرًا بِقِيمَةِ حِصَّةِ شَرِيكِهِ؛ عَتَقَ عَلَيْهِ (كُلُّهُ) بِالسِّرَايَةِ، وَعَلَيْهِ قِيمَةُ نَصِيبِ شَرِيكِهِ مُكَاتَبًا، وَوَلَاؤُهُ كُلُّهُ لَهُ.
(وَإِنْ كَاتَبَاهُ كِتَابَةً وَاحِدَةً) فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ (فَوَفَّى أَحَدَهُمَا) ؛ أَيْ: أَحَدَ الشَّرِيكَيْنِ مَا لَهُ عَلَيْهِ (بِغَيْرِ إذْنِ الْآخَرِ؛ لَمْ يَعْتِقْ مِنْهُ شَيْءٌ، وَلَمْ يَصِحَّ الْقَبْضُ) لَتَعَلُّقِ حَقِّ كُلٍّ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ بِمَا فِي يَدِ الْمُكَاتَبِ تَعَلُّقًا وَاحِدًا (وَلَهُ) ؛ أَيْ: الشَّرِيكِ الَّذِي لَمْ يَدْفَعْ لَهُ الْمُكَاتَبُ شَيْئًا أَوْ دَفَعَ لَهُ دُونَ حِصَّتِهِ (أَخْذُ حِصَّتِهِ) أَوْ مَا زَادَ فِي يَدِ شَرِيكِهِ (مِنْهُ) ؛ أَيْ: مِنْ شَرِيكِهِ لِفَسَادِ الْقَبْضِ (وَإِنْ كَانَ) أَدَاؤُهُ لِأَحَدِهِمَا (بِإِذْنِهِ) أَيْ: الْآخَرِ (عَتَقَ نَصِيبُهُ) لِصِحَّةِ الْقَبْضِ؛ لِأَنَّ الْمَنْعَ لِحَقِّ الشَّرِيكِ الْآخَرِ، وَقَدْ زَالَ بِالْإِذْنِ (وَسَرَى) الْعِتْقُ إلَى بَاقِيهِ (بِشَرْطِهِ) وَهُوَ كَوْنُ الْمُسْتَوْفِي مُوسِرًا بِقِيمَةِ بَاقِيهِ (وَضَمِنَ نَصِيبَ شَرِيكِهِ بِقِيمَتِهِ مُكَاتَبًا) حَالَ الْعِتْقِ؛ لِعِتْقِهِ عَلَيْهِ بَاقِيًا عَلَى كِتَابَتِهِ، وَوَلَاؤُهُ كُلُّهُ لَهُ.
وَمَا فِي يَدِهِ مِنْ الْمَالِ لِلَّذِي لَمْ يَقْبِضْ مِنْهُ شَيْئًا مَعَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute