(وَالْأَوْلَى بِحَضَانَتِهِ) - أَيْ: اللَّقِيطِ - (وَاجِدُهُ) ؛ لِأَنَّهُ وَلِيُّهُ، (إنْ كَانَ أَمِينًا) ؛ لِمَا تَقَدَّمَ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.
(عَدْلًا) ؛ لِأَنَّ عُمَرَ أَقَرَّ اللَّقِيطَ فِي يَدِ أَبِي جَمِيلَةَ، حِينَ قَالَ لَهُ عَرِيفُهُ: إنَّهُ رَجُلٌ صَالِحٌ.
(وَلَوْ) كَانَ (ظَاهِرًا) ؛ أَيْ: لَمْ تُعْلَمْ عَدَالَتُهُ بَاطِنًا؛ كَوِلَايَةِ النِّكَاحِ وَالشَّهَادَةِ فِيهِ وَأَكْثَرِ الْأَحْكَامِ.
(حُرًّا) تَامَّ الْحُرِّيَّةِ، لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْقِنِّ وَالْمُدَبَّرِ وَأُمِّ الْوَلَدِ وَالْمُعَلَّقِ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ مَنَافِعُهُ مُسْتَحَقَّةٌ لِسَيِّدِهِ، فَلَا يَصْرِفُهَا فِي غَيْرِ نَفْعِهِ إلَّا بِإِذْنِهِ؛ وَكَذَا الْمُكَاتَبُ لَيْسَ لَهُ التَّبَرُّعُ بِمَالِهِ، وَلَا مَنَافِعُهُ إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ وَكَذَا الْمُبَعَّضُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ اسْتِكْمَالِ الْحَضَانَةِ.
فَإِنْ أَذِنَ السَّيِّدُ لِرَقِيقِهِ أُقِرَّ بِيَدِهِ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ كَأَنَّ السَّيِّدَ الْتَقَطَهُ، وَاسْتَعَانَ بِرَقِيقِهِ فِي حَضَانَتِهِ.
قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: إنْ أَذِنَ لَهُ السَّيِّدُ؛ لَمْ يَكُنْ لَهُ الرُّجُوعُ بَعْدَ ذَلِكَ، وَصَارَ كَمَا لَوْ الْتَقَطَهُ (مُكَلَّفًا) ؛ لِأَنَّ غَيْرَ الْمُكَلَّفِ لَا يَلِي أَمْرَ نَفْسِهِ، فَلَا يَلِي أَمْرَ غَيْرِهِ. (رَشِيدًا) ؛ لِأَنَّ السَّفِيهَ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَى نَفْسِهِ، فَغَيْرُهُ أَوْلَى.
وَيَجُوزُ لِمَنْ لَا يُقِرُّ بِيَدِهِ الْتِقَاطُهُ؛ لِأَنَّ أَخْذَهُ قُرْبَةٌ لَا يَخْتَصُّ بِوَاحِدٍ دُونَ آخَرَ، وَعَدَمُ إقْرَارِهِ بِيَدِهِ دَوَامًا لَا يَمْنَعُ أَخْذَهُ ابْتِدَاءً، إلَّا الرَّقِيقَ فَلَيْسَ لَهُ الْتِقَاطُهُ إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ، إلَّا أَنْ لَا يَعْلَمَ بِهِ سِوَاهُ؛ فَعَلَيْهِ الْتِقَاطُهُ؛ لِتَخْلِيصِهِ مِنْ الْهَلَاكِ كَالْغَرَقِ، وَيَأْتِي.
(وَلَهُ) - أَيْ: لِوَاجِدِهِ - الْمُتَّصِفِ بِمَا تَقَدَّمَ (حِفْظُ مَالِهِ) - أَيْ: اللَّقِيطِ - بِلَا حُكْمِ حَاكِمٍ؛ (لِأَنَّهُ وَلِيُّهُ) ؛ لِقَوْلِ عُمَرَ: وَلَكَ وَلَاؤُهُ، وَلِأَنَّهُ وَلِيٌّ بِحَضَانَتِهِ لَا مِنْ أَجْلِ قَرَابَتِهِ مِنْهُ، أَشْبَهَ الْحَاكِمَ، وَلِوَاجِدِهِ الْمُتَّصِفِ بِمَا تَقَدَّمَ (الْإِنْفَاقُ عَلَيْهِ) - أَيْ: اللَّقِيطِ - مِمَّا وَجَدَ مَعَهُ، (بِلَا إذْنِ حَاكِمٍ) ؛ لِوِلَايَتِهِ عَلَيْهِ، كَمَا لَوْ وَصِيٌّ.
وَلِأَنَّهُ مِنْ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ؛ بِخِلَافِ مَنْ أَوْدَعَ مَالًا وَغَابَ، وَلَهُ وَلَدٌ؛ فَلَا يُنْفِقُ الْوَدِيعُ عَلَى وَلَدِهِ مِنْ الْوَدِيعَةِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهُ، بَلْ تَقُومُ امْرَأَتُهُ إلَى الْحَاكِمِ، حَتَّى يَأْمُرَهُ بِالْإِنْفَاقِ؛ لِاحْتِيَاجِهِ إلَى نَظَرِ الْحَاكِمِ.
(وَنُدِبَ) لِوَاجِدِ اللَّقِيطِ الْإِنْفَاقُ (بِإِذْنِهِ) - أَيْ: الْحَاكِمِ - إنْ وَجَدَ،