حَالَهَا. قَالَ أَحْمَدُ: إنِّي أَخَافُ أَنْ يَغُرَّ بِهَا مُسْلِمًا. وَقَالَ: مَا يَنْبَغِي أَنْ يَغُرَّ بِهَا الْمُسْلِمِينَ، وَلَا أَقُولُ إنَّهُ حَرَامٌ. قَالَ فِي " الشَّرْحِ " فَقَدْ صَرَّحَ بِأَنَّهُ إنَّمَا كَرِهَهُ " لِمَا فِيهِ مِنْ التَّغْرِيرِ بِالْمُسْلِمِينَ. انْتَهَى. وَكَانَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ يَتَوَقَّى لَفْظَ الْحَرَامِ عَلَى مَا لَمْ يَسْتَيْقِنْ تَحْرِيمَهُ مِمَّا فِيهِ نَوْعُ شُبْهَةٍ، أَوْ اخْتِلَافٍ، فَيَقُولُ: أَكْرَهُهُ، وَلِذَلِكَ تَوَقَّفَ فِي إطْلَاقِ لَفْظِ الْحَرَامِ عَلَى مَا اخْتَلَفَتْ فِيهِ وَتَعَارَضَتْ أَدِلَّتُهُ مِنْ نُصُوصِ الْكِتَابِ أَوْ السُّنَّةِ، فَقَالَ فِي مُتْعَةِ النِّسَاءِ: لَا أَقُولُ هِيَ حَرَامٌ، وَلَكِنْ نُهِيَ عَنْهُ، وَقَالَ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ: لَا أَقُولُ حَرَامٌ، وَلَكِنْ نُهِيَ عَنْهُ، وَالصَّحِيحُ فِي تَفْسِيرِهِ أَنَّهُ تَوَقَّفَ فِي إطْلَاقِ لَفْظَةِ الْحَرَامِ دُونَ مَعْنَاهَا، لِاخْتِلَافِ النُّصُوصِ وَالصَّحَابَةِ فِيهَا، وَهَذَا كُلُّهُ عَلَى سَبِيلِ الْوَرَعِ فِي الْكَلَامِ، حَذَرًا مِنْ الدُّخُولِ تَحْتَ قَوْله تَعَالَى: {وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ} [النحل: ١١٦] . أَفَادَهُ ابْنُ رَجَبٍ.
(وَكُرِهَ كَتْبُ قُرْآنٍ) ، أَيْ: عَلَى الدَّرَاهِمِ وَالْحِيَاصَةِ: قَالَ أَبُو الْمَعَالِي (وَنَثْرُهَا) ، أَيْ: الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ عَلَى النَّاسِ. وَيَأْتِي فِي الْوَلِيمَةِ: يُكْرَهُ نِثَارٌ وَالْتِقَاطُهُ.
(وَأَوَّلُ ضَرْبِ الدَّرَاهِمِ) فِي الْإِسْلَامِ (عَلَى عَهْدِ الْحَجَّاجِ) الثَّقَفِيِّ فِي خِلَافَةِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ.
(وَلَا يَجُوزُ لِلسُّلْطَانِ تَحْرِيمُ النُّقُودِ الَّتِي بِأَيْدِي النَّاسِ) وَضَرْبُهُ غَيْرَهَا لَهُمْ، (لِيُفْسِدَ مَا عِنْدَهُمْ مِنْ الْأَمْوَالِ) ، وَيَتَّجِرَ بِمَا ضَرَبَ، بَلْ يَضْرِبُ لَهُمْ النُّقُودَ بِقِيمَتِهَا مِنْ غَيْرِ رِبْحٍ فِيهِ
لِلْمَصْلَحَةِ
الْعَامَّةِ، فَإِنَّ فِي التِّجَارَةِ فِيهَا ظُلْمًا عَظِيمًا، مِنْ أَبْوَابِ ظُلْمِ النَّاسِ، وَأَكْلِ أَمْوَالِهِمْ بِالْبَاطِلِ، فَإِنَّهُ إذَا حَرَّمَ الْمُعَامَلَةَ بِهَا صَارَتْ عَرَضًا، وَإِذَا ضَرَبَ لَهُمْ نُقُودًا أُخْرَى أَفْسَدَ مَا كَانَ بِأَيْدِيهِمْ مِنْهَا بِنَقْصِ أَسْعَارِهِمْ، فَظَلَمَهُمْ فِيمَا يَضْرِبُهُ بِإِغْلَاءِ سِعْرِهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute