للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَيْهَا مِنْ ظُهُورِ الْغِشِّ وَعَوْدِهَا إلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ، وَبَعْدَ انْقِلَابِهَا حَقِيقَةً يُؤْمَنُ مَا يُتَرَقَّبُ مِنْ ضَرَرِ النَّاسِ بِسَبَبِهَا، وَهَذَا اعْتِقَادُ الْفَلَاسِفَةِ وَمَنْ نَحَا نَحْوَهُمْ، فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ إذَا ثَبَتَتْ عَلَى الروباص، فَلَا تَتَغَيَّرُ وَلَا تَتَبَدَّلُ مَا دَامَتْ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ، وَلَهُمْ افْتِرَاءَاتٌ عَلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ. إذَا تَقَرَّرَ هَذَا فَاللَّائِقُ أَنْ يُقَالَ: (إنَّ لِلَّهِ) سُبْحَانَهُ (خَوَاصَّ وَأَسْرَارًا) خَلَقَهَا وَأَوْدَعَهَا (فِي الْعَالَمِ) ، أَيْ: عَالَمِ الْجَمَادَاتِ، (يَنْقَلِبُ بِهَا نَحْوُ النُّحَاسِ) ، كَالرَّصَاصِ وَغَيْرِهِ (ذَهَبًا خَالِصًا) ، يَظْهَرُ لِلرَّائِي، وَاَللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، (لَكِنَّهُ نَادِرُ الْوُقُوعِ) ، وَالنَّادِرُ لَا حُكْمَ لَهُ، وَفِي نُسْخَةٍ لَكِنَّهُ عَزِيزٌ، وَهُوَ قَرِيبٌ مِمَّا قَبْلَهُ، وَفِي أُخْرَى لَكِنَّهُ غَيْرُ نَيِّرٍ، أَيْ: لَيْسَ رَوْنَقُهُ كَرَوْنَقِ الذَّهَبِ الْأَصْلِيِّ وَهُوَ اتِّجَاهٌ حَسَنٌ.

(وَيَحْرُمُ كَسْرُ السِّكَّةِ الْجَائِزَةِ) بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ: «لِنَهْيِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ كَسْرِ سِكَّةِ الْمُسْلِمِينَ الْجَارِيَةِ بَيْنَهُمْ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ وَغَيْرُهُ، (وَلَوْ) كَانَ كَسْرُهَا (لِصِيَاغَةٍ وَإِعْطَاءِ سَائِلٍ) ، لِمَا فِيهِ مِنْ التَّضْيِيقِ عَلَيْهِمْ، (إلَّا أَنْ يُخْتَلَفَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا هَلْ هُوَ رَدِيءٌ أَوْ جَيِّدٌ؟) فَيَجُوزُ كَسْرُهَا اسْتِظْهَارًا لِحَالِهِ. (وَكَانَ) عَبْدُ اللَّهِ (بْنُ مَسْعُودٍ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَكْسِرُ الزُّيُوفَ، أَيْ: النُّحَاسَ وَهُوَ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ فَإِنْ اجْتَمَعَ عِنْدَ السُّلْطَانِ دَرَاهِمُ زُيُوفٌ، فَإِنَّهُ يَسْبِكُهَا وَلَا يَبِيعُهَا.

(وَلَا يَحِلُّ) ، أَيْ: لَا يُبَاحُ بِلَا كَرَاهَةٍ (لِقَابِضِهَا) ، أَيْ: الزُّيُوفِ (إخْرَاجُهَا فِي مُعَامَلَةٍ وَلَا صَدَقَةٍ، لِمَا فِيهِ) ، أَيْ: إخْرَاجُهَا (مِنْ تَغْرِيرِ الْمُسْلِمِينَ) وَإِدْخَالِ الضَّرَرِ عَلَيْهِمْ، فَإِنَّ قَابِضَهَا رُبَّمَا خَلَطَهَا بِدَرَاهِمَ جَيِّدَةٍ، وَأَخْرَجَهَا عَلَى مَنْ لَا يَعْرِفُ

<<  <  ج: ص:  >  >>