الِانْتِصَارِ ": يَلِي عَلَى أَبَوَيْهِ الْمَجْنُونِينَ، وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ: أَرَى أَنْ يَحْجُرَ الِابْنُ عَلَى الْأَبِ إذَا أَسْرَفَ، أَوْ كَانَ يُضَيِّعُ مَالَهُ فِي الْفَسَادِ وَشِرَاءِ الْمُغَنِّيَاتِ وَنَحْوِهِ، وَصَرَّحَ بِهِ فِي " الْمُبْدِعِ " وَابْنُ مُنَجَّى وَغَيْرُهُمَا وَجَزَمَ بِهِ " فِي شَرْحِ الْإِقْنَاعِ ".
(وَلَا يَنْفَكُّ) الْحَجْرُ عَمَّنْ سَفِهَ بَعْدَ رُشْدِهِ (إلَّا بِحُكْمِهِ) ؛ أَيْ: الْحَاكِمِ؛ لِأَنَّهُ حَجْرٌ ثَبَتَ بِحُكْمِهِ فَلَا يَنْفَكُّ، إلَّا بِهِ؛ كَحَجْرِ الْمُفْلِسِ.
(وَلَا يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ فِي الْمَالِ - وَلَوْ بِعِتْقٍ -) فَلَا يَصِحُّ عِتْقُهُ (أَوْ نَذْرٍ) مَالِيٍّ كَصَدَقَةٍ وَأُضْحِيَّةٍ؛ لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ فِي مَالٍ؛ فَلَا يَصِحُّ، (أَوْ وَقْفٍ) ؛ فَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ - وَلَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ - لَكِنْ إنْ كَانَ الْوَقْفُ مُعَلَّقًا بِمَوْتِهِ فَالظَّاهِرُ صِحَّتُهُ؛ لِأَنَّهُ وَصِيَّةٌ، وَفَارَقَ عِتْقُهُ عِتْقَ الرَّاهِنِ؛ لِأَنَّ الْحَجْرُ عَلَى الرَّاهِنِ لَحِقَ غَيْرَهُ، وَيُخَيَّرُ بِأَخْذِ قِيمَتِهِ مَكَانَهُ، (بَلْ) يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ (بِتَدْبِيرٍ وَوَصِيَّةٍ) ؛ لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ فِيهِمَا. وَيَأْتِي.
(وَيَصِحُّ) (تَزْوِيجُ سَفِيهٍ) مُحْتَاجٍ لِلتَّزْوِيجِ، (وَيَتَّجِهُ) كَوْنُهُ (لَيْسَ مِنْ عَادَتِهِ الطَّلَاقُ) ، فَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ دَيْدَنًا لَهُ؛ فَلَا يَصِحُّ تَزَوُّجُهُ؛ لِإِضْرَارِهِ بِمَالِهِ وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
إذَا تَقَرَّرَ هَذَا، فَلَهُ التَّزْوِيجُ (بِلَا إذْنِ وَلِيِّهِ) حَيْثُ كَانَ تَزَوُّجُهُ (لِحَاجَةِ مُتْعَةٍ وَ) حَاجَةِ (خِدْمَةٍ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ لَمْ يَشْرَعْ لِقَصْدِ الْمَالِ، وَمَعَ الْحَاجَةِ إلَيْهِ يَكُونُ مَصْلَحَةً، (فَلَا يَصِحُّ) تَزْوِيجُ السَّفِيهِ (لِغَيْرِهَا) ؛ أَيْ: الْحَاجَةُ (بِلَا إذْنِهِ) ؛ أَيْ: الْوَلِيِّ؛ لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ يَجِبُ بِهِ مَالٌ؛ فَلَمْ يَصِحَّ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ؛ كَالشِّرَاءِ، (وَمَعَهَا) ؛ أَيْ: الْحَاجَةُ (يَتَعَقَّلُ) السَّفِيهُ (بِهِ) ؛ أَيْ: التَّزَوُّجِ كَمَا تَقَدَّمَ.
(وَيَتَّجِهُ) جَوَازُ اسْتِقْلَالِ السَّفِيهِ بِالتَّزَوُّجِ (وَلَوْ لَمْ يَعْضُلْهُ) ؛ أَيْ: يَمْنَعُهُ عَنْهُ الْوَلِيُّ؛ فَلَهُ الِاسْتِقْلَالُ بِهِ دَفْعًا لِحَاجَتِهِ وَمُرَاعَاةً لِمَصْلَحَتِهِ، (خِلَافًا لَهُمَا) ؛ أَيْ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute