(وَيُكَرِّرُهُ) أَيْ النَّظَرَ (وَيَتَأَمَّلُ الْمَحَاسِنَ بِلَا إذْنٍ) مِنْ الْمَرْأَةِ، وَلَعَلَّ عَدَمَ الْإِذْنِ أَوْلَى؛ لِحَدِيثِ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذَا خَطَبَ أَحَدُكُمْ الْمَرْأَةَ، فَإِنْ اسْتَطَاعَ أَنْ يَنْظُرَ مِنْهَا إلَى مَا يَدْعُوهُ إلَى نِكَاحِهَا فَلْيَفْعَلْ قَالَ: فَخَطَبْت جَارِيَةً مِنْ بَنِي سَلَمَةَ، فَكُنْت أَتَخَبَّأُ لَهَا حَتَّى رَأَيْت مِنْهَا بَعْضَ مَا دَعَانِي إلَى نِكَاحِهَا» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد (إنْ أَمِنَ) مُرِيدُ خِطْبَةِ الْمَرْأَةِ (الشَّهْوَةَ) أَيْ: ثَوَرَانَهَا (مِنْ غَيْرِ خَلْوَةٍ) فَإِنْ كَانَ مَعَ خَلْوَةٍ أَوْ مَعَ خَوْفِ ثَوَرَانِ (الشَّهْوَةِ) ؛ لَمْ يَجُزْ (فَإِنْ شَقَّ) عَلَيْهِ النَّظَرُ (أَوْ كَرِهَتْ بَعَثَ) إلَيْهَا (امْرَأَةً) ثِقَةً تَتَأَمَّلُهَا ثُمَّ (تَصِفُهَا لَهُ) لِيَكُونَ عَلَى بَصِيرَةٍ (وَلِرَجُلٍ نَظَرُ ذَلِكَ) أَيْ: الْوَجْهِ وَالرَّقَبَةِ وَالْيَدِ وَالْقَدَمِ (وَ) نَظَرُ (رَأْسٍ وَسَاقٍ مِنْ أَمَةٍ وَلَوْ غَيْرَ مُسْتَامَةٍ) إذْ الْحَاجَةُ دَاعِيَةٌ إلَى ذَلِكَ فِي الْمُسْتَامَةِ كَالْمَخْطُوبَةِ وَأَوْلَى، لِأَنَّهَا تُرَادُ لِلِاسْتِمْتَاعِ وَغَيْرِهِ مِنْ التِّجَارَةِ وَحُسْنُهَا يَزِيدُ فِي ثَمَنِهَا، وَالْمَقْصُودُ يَحْصُلُ بِرُؤْيَةِ ذَلِكَ وَغَيْرِهِ فَاكْتُفِيَ بِهِ، وَكَذَا غَيْرُ الْمُسْتَامَةِ يَنْظُرُ مِنْهَا إلَى هَذِهِ الْأَعْضَاءِ السِّتَّةِ. قَطَعَ بِهِ الْقَاضِي فِي " الْجَامِعِ الصَّغِيرِ " وَاخْتَارَهُ فِي " الْمُغْنِي " لِأَنَّهُ يَرْوِي عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ رَأَى أَمَةً مُتَلَمْلِمَةً فَضَرَبَهَا بِالدِّرَّةِ وَقَالَ: أَتَتَشَبَّهِينَ بِالْحَرَائِرِ يَا لُكَاعُ؟ وَرَوَى أَنَسٌ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا أَوْلَمَ عَلَى صَفِيَّةَ قَالَ النَّاسُ: لَا نَدْرِي أَجَعَلَهَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ أَوْ أُمَّ وَلَدٍ؟ فَقَالُوا: إنْ حَجَبَهَا فَهِيَ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ، وَإِنْ لَمْ يَحْجُبْهَا فَهِيَ أُمُّ وَلَدٍ، فَلَمَّا رَكِبَ وَطِئَ لَهَا خَلْفَهُ، وَمَدَّ الْحِجَابَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ عَدَمَ حَجْبِ الْإِمَاءِ كَانَ مُسْتَفِيضًا عِنْدَهُمْ (خِلَافًا لِلْمُنْتَهَى) لِتَقْيِيدِهِ جَوَازَ النَّظَرِ لِلْأَمَةِ الْمُسْتَامَةِ تَبَعًا لِ " التَّنْقِيحِ " حَيْثُ قَالَ: وَمِنْ أَمَةٍ غَيْرِ مُسْتَامَةٍ إلَى غَيْرِ عَوْرَةِ صَلَاةٍ، وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ أَصْوَبُ مِمَّا فِي " التَّنْقِيحِ "، (وَ) لِرَجُلٍ أَيْضًا نَظَرُ وَجْهٍ وَرَقَبَةٍ وَيَدٍ وَقَدَمٍ وَرَأْسٍ وَسَاقٍ مِنْ (ذَاتِ مَحْرَمٍ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ} [النور: ٣١] الْآيَةَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute