عَاقِبَةِ الْيَمِينِ الْكَاذِبَةِ، فَمَتَى سَاغَ التَّأْوِيلُ لَهُ انْتَفَى ذَلِكَ، فَصَارَ ذَلِكَ وَسِيلَةً إلَى جَحْدِ الْحُقُوقِ الثَّالِثُ: أَنْ لَا يَكُونَ ظَالِمًا وَلَا مَظْلُومًا، فَظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ أَنَّ لَهُ تَأْوِيلَهُ لِقِصَّةِ المروذي الْمُتَقَدِّمَةِ، وَلِمَا رَوَى سَعِيدٌ عَنْ جَرِيرٍ عَنْ الْمُغِيرَةِ قَالَ: كَانَ إذَا طَلَبَ إنْسَانٌ إبْرَاهِيمَ، وَلَمْ يُرِدْ إبْرَاهِيمُ أَنْ يَلْقَاهُ خَرَجَتْ إلَيْهِ الْخَادِمَةُ فَقَالَتْ: اُطْلُبُوهُ فِي الْمَسْجِدِ وَتَقَدَّمَ حَدِيثُ الْعَجُوزِ وَالرَّجُلِ الَّذِي قَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّا حَامِلُوك عَلَى وَلَدِ النَّاقَةِ» : «وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِامْرَأَةٍ وَقَدْ ذَكَرَتْ لَهُ زَوْجَهَا هُوَ الَّذِي فِي عَيْنِهِ بَيَاضٌ؟ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ: إنَّهُ لَصَحِيحُ الْعَيْنِ» وَأَرَادَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْبَيَاضَ الَّذِي حَوْلَ الْحَدَقَةِ.
وَيُرْوَى عَنْ شَقِيقٍ أَنَّ رَجُلًا خَطَبَ امْرَأَةً وَتَحْتَهُ أُخْرَى، فَقَالُوا: لَا نُزَوِّجُك حَتَّى تُطَلِّقَ امْرَأَتَك، فَقَالَ: اشْهَدُوا أَنِّي قَدْ طَلَّقْت ثَلَاثًا، فَزَوَّجُوهُ، فَأَقَامَ عَلَى امْرَأَتِهِ، فَقَالُوا: قَدْ طَلَّقْت ثَلَاثًا فَقَالَ: أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّهُ كَانَ لِي ثَلَاثُ نِسْوَةٍ؛ فَطَلَّقْتُهُنَّ، قَالُوا: بَلَى، قَالَ: قَدْ طَلَّقْتُ ثَلَاثًا؛ قَالُوا: مَا هَذَا أَرَدْنَا فَذَكَرَ ذَلِكَ شَقِيقٌ لِعُثْمَانَ، فَجَعَلَهَا بِنِيَّتِهِ، فَهَذَا وَشِبْهُهُ مِنْ الْمَعَارِيضِ وَهُوَ التَّأْوِيلُ الَّذِي لَا يُعْذَرُ بِهِ الظَّالِمُ، وَيَسُوغُ لِغَيْرِهِ مَظْلُومًا كَانَ أَوْ غَيْرَ مَظْلُومٍ؛ «لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقُولُ ذَلِكَ فِي الْمِزَاحِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إلَيْهِ، وَقَدْ سَمَّاهُ حَقًّا، فَقَالَ: لَا أَقُولُ إلَّا حَقًّا» .
(وَلَا يَجُوزُ تَحَيُّلٌ لِإِسْقَاطِ حُكْمِ الْيَمِينِ) كَمَا لَا يَجُوزُ التَّحَيُّلُ لِإِسْقَاطِ الزَّكَاةِ وَنَحْوِهِ مِمَّا تَقَدَّمَ بِأَدِلَّتِهِ (وَلَا تَسْقُطُ) الْيَمِينُ أَيْ: حُكْمُهَا (بِهِ) أَيْ: التَّحْلِيلِ عَلَى إسْقَاطِهِ (وَقَدْ نَصَّ) الْإِمَامُ (أَحْمَدُ عَلَى مَسَائِلَ مِنْ ذَلِكَ وَقَالَ: مَنْ احْتَالَ بِحِيلَةٍ فَهُوَ حَانِثٌ، وَقَالَ أَبُو حَامِدٍ وَغَيْرُهُ جُمْلَةُ مَذْهَبِهِ) أَيْ: الْإِمَامِ أَحْمَدَ (أَنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّحْلِيلُ فِي الْيَمِينِ) وَأَنَّهُ لَا يَخْرُجُ مِنْهَا إلَّا بِمَا وَرَدَ بِهِ سَمْعٌ كَنِسْيَانٍ عَلَى مَا تَقَدَّمَ تَفْصِيلُهُ وَكَإِكْرَاهٍ وَاسْتِثْنَاءٍ (فَلَوْ حَلَفَ آكِلٌ مَعَ غَيْرِهِ تَمْرًا وَنَحْوَهُ) مِمَّا لَهُ نَوًى كَخَوْخٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute