للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَفْرُوغًا مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ فِي يَدِهِ؛ فَلَا يَبْرَأُ مِنْهُ، مَا لَمْ يُسَلِّمْهُ إلَى الْعَاقِدِ كَالْمَبِيعِ مِنْ الطَّعَامِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ يُوقِعُ الْعَمَلَ فِي بَيْتِ الْمُسْتَأْجِرِ مِثْلَ أَنْ يُحْضِرَهُ إلَى دَارِهِ لِيَخِيطَ فِيهَا، أَوْ يَصْبُغَ فِيهَا؛ فَإِنَّهُ يَبْرَأُ مِنْ الْعَمَلِ، وَيَسْتَحِقُّ أَجْرَهُ بِمُجَرَّدِ عَمَلِهِ؛ لِأَنَّهُ فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ، فَيَصِيرُ مُسَلِّمًا لِلْعَمَلِ حَالًّا فَحَالًّا، وَلَوْ اسْتَأْجَرَ رَجُلًا يَبْنِي لَهُ حَائِطًا فِي دَارِهِ، أَوْ يَحْفِرَ بِهَا بِئْرًا بَرِيءَ مِنْ الْعَمَلِ، وَاسْتَحَقَّ أَجْرَهُ بِمُجَرَّدِ عَمَلِهِ، وَلَوْ كَانَتْ الْبِئْرُ فِي الصَّحْرَاءِ أَوْ الْحَائِطِ؛ لَمْ يَبْرَأْ بِمُجَرَّدِ الْعَمَلِ، وَلَوْ انْهَارَتْ عَقِيبَ الْحَفْرِ، أَوْ الْحَائِطُ بَعْدَ بِنَائِهِ وَقَبْلَ تَسْلِيمِهِ؛ لَمْ يَبْرَأْ مِنْ الْعَمَلِ، نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ، فَإِنَّهُ قَالَ: إذَا اسْتَعْمَلَ أَلْفَ لَبِنَةٍ فِي كَذَا وَكَذَا فَعَمَلَ، ثُمَّ سَقَطَ؛ فَلَهُ الْكِرَاءُ.

وَأَمَّا الْأَجِيرُ الْخَاصُّ فَيَسْتَحِقُّ أَجْرَهُ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ، سَوَاءٌ تَلِفَ مَا عَمَلَهُ أَوْ لَمْ يَتْلَفْ، نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ فَقَالَ: إذَا اسْتَأْجَرَ يَوْمًا، فَعَمَلَ وَسَقَطَ عِنْدَ اللَّيْلِ مَا عَمَلَهُ، فَلَهُ الْكِرَاءُ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ تَسْلِيمُ نَفْسِهِ، وَعَمَلُ مَا يُسْتَعْمَلُ فِيهِ، وَقَدْ وُجِدَ ذَلِكَ مِنْهُ. بِخِلَافِ الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ، وَلَوْ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا لِيَبْنِيَ لَهُ حَائِطًا طُولُهُ عَشْرَةُ أَذْرُعَ، فَبَنَى بَعْضَهُ، فَسَقَطَ؛ لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا حَتَّى يُتِمَّهُ، سَوَاءٌ كَانَ فِي مِلْكِ الْمُسْتَأْجِرِ أَوْ فِي غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ مَشْرُوطٌ بِإِتْمَامِهِ، وَلَمْ يُوجَدْ.

قَالَ أَحْمَدُ: إذَا قِيلَ لَهُ: ارْفَعْ حَائِطًا كَذَا وَكَذَا ذِرَاعًا؛ فَعَلَيْهِ أَنْ يُوَفِّيَهُ، فَإِنْ سَقَطَ؛ فَعَلَيْهِ التَّمَامُ، وَكَذَلِكَ لَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِيَحْفِرَ لَهُ بِئْرًا عُمْقُهَا عَشْرَةُ أَذْرُعَ، فَحَفَرَ مِنْهَا خَمْسَةً، وَانْهَارَ فِيهَا تُرَابٌ مِنْ جَوَانِبِهَا؛ لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا حَتَّى يُتَمِّمَ حَفْرَهَا. انْتَهَى.

(وَلَا يَضْمَنُ) أَجِيرٌ (مُشْتَرَكٌ تَبَرَّعَ بِعَمَلِهِ مُطْلَقًا) ؛ أَيْ: سَوَاءٌ عَمَلَهُ بِبَيْتِهِ أَوْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ مَحْضٌ، فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي أَنَّهُ أَجِيرٌ أَوْ مُتَبَرِّعٌ؛ فَقَوْلُ أَجِيرٍ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَتُهُ. (وَلِأَجِيرٍ حَبْسُ مَعْمُولٍ) ؛ كَثَوْبٍ صَبَغَهُ أَوْ قَصَّرَهُ أَوْ خَاطَهُ (عَلَى أُجْرَتِهِ؛ إنْ حَكَمَ بِفَلَسِ رَبِّهِ) ، وَكَوْنُ الْأَجِيرِ يَمْلِكُ حَبْسَ مَا صَبَغَهُ أَوْ قَصَّرَهُ أَوْ خَاطَهُ؛

<<  <  ج: ص:  >  >>