إنَّهُ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ. وَاحْتَجَّ أَحْمَدُ بِقَوْلِ عُمَرَ لِحِمَاسٍ: " أَدِّ زَكَاةَ مَالِكَ. فَقَالَ: مَا لِي إلَّا جِعَابٌ وَأُدْمٌ. فَقَالَ: قَوِّمْهَا وَأَدِّ زَكَاتَهَا " رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَسَعِيدٌ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَغَيْرُهُمْ، وَالْجِعَابُ: جَمْعُ جَعْبَةٍ، كِنَانَةُ النَّشَّابِ، وَهِيَ مِنْ جِلْدٍ لَا خَشَبَ فِيهَا، أَوْ بِالْعَكْسِ، وَلِأَنَّهُ مَالٌ نَامٍ فَوَجَبَتْ فِيهَا الزَّكَاةُ كَالسَّائِمَةِ. وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «عَفَوْتُ لَكُمْ عَنْ صَدَقَةِ الْخَيْلِ وَالرَّقِيقِ» الْمُرَادُ بِهِ زَكَاةُ الْعَيْنِ لَا الْقِيمَةِ، عَلَى أَنَّ خَبَرَنَا خَاصٌّ، وَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْعَامِّ.
(فَإِنْ مَلَكَهُ) ، أَيْ: الْعَرْضَ (بِإِرْثٍ) أَوْ عَادَ إلَيْهِ بِطَلَاقٍ قَبْلَ دُخُولٍ، أَوْ فَسْخٍ مِنْ قِبَلَهَا قَبْلَهُ (أَوْ) مَلَكَهُ بِ (لُقَطَةٍ) مَضَى حَوْلُ تَعْرِيفِهَا، لَمْ يَصِرْ لِلتِّجَارَةِ، لِأَنَّهُ مَلَكَهُ بِغَيْرِ فِعْلِهِ، فَجَرَى مَجْرَى الِاسْتِدَامَةِ (أَوْ) مَلَكَهُ (بِفِعْلِهِ بِلَا نِيَّةِ تِجَارَةٍ ثُمَّ نَوَاهَا) ، لَمْ يَصِرْ لِلتِّجَارَةِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ اشْتَرَاهُ بِعَرْضِ تِجَارَةٍ، فَلَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ، بَلْ يَكْفِيهِ اسْتِصْحَابُ حُكْمِهَا بِأَنْ لَا يَنْوِيَهَا لِلْقِنْيَةِ.
(أَوْ كَانَ عِنْدَهُ عَرْضٌ لِتِجَارَةٍ فَنَوَاهُ لِقِنْيَةٍ) بِضَمِّ الْقَافِ وَكَسْرِهَا: الْإِمْسَاكُ لِلِانْتِفَاعِ دُونَ التِّجَارَةِ (وَلَوْ) كَانَ الْمَنْوِيُّ لِلْقِنْيَةِ (ثِيَابَ حَرِيرٍ لِلُبْسٍ مُحَرَّمٍ ثُمَّ) نَوَاهُ (لِتِجَارَةٍ لَمْ يَصِرْ لَهَا) ، أَيْ: التِّجَارَةِ (فِي الْكُلِّ) ، أَيْ: كُلِّ مَا تَقَدَّمَ، لِأَنَّ الْقِنْيَةَ هِيَ الْأَصْلُ، فَيَكْفِي فِي الرَّدِّ إلَيْهِ مُجَرَّدُ النِّيَّةِ، كَمَا لَوْ نَوَى الْمُسَافِرُ الْإِقَامَةَ، وَلِأَنَّ نِيَّةَ التِّجَارَةِ شَرْطٌ لِلْوُجُوبِ فِيهَا، فَإِذَا نَوَى الْقِنْيَةَ زَالَتْ نِيَّةُ التِّجَارَةِ، فَفَاتَ شَرْطُ الْوُجُوبِ، بِخِلَافِ السَّائِمَةِ إذَا نَوَى عَلَفَهَا، فَإِنَّ الشَّرْطَ السَّوْمُ دُونَ نِيَّةٍ (حَتَّى تُبَاعَ) بِنَقْدٍ مُطْلَقًا أَوْ بِعَرْضٍ بِنِيَّةِ التِّجَارَةِ (وَيَمْضِي حَوْلٌ) فَيُزَكِّيهِ عِنْدَ تَمَامِهِ
(غَيْرَ حُلِيِّ لُبْسٍ) إذَا نَوَى بِهِ التِّجَارَةَ، فَيَصِيرُ لَهَا بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ (لِأَنَّ التِّجَارَةَ أَصْلٌ فِيهِ) ، أَيْ: الْحُلِيِّ، فَإِذَا نَوَاهُ لِلتِّجَارَةِ فَقَدْ رَدَّهُ إلَى الْأَصْلِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute