كَوْنِهِ نَشَأَ بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ عَنْ الْقُرَى (وَعَرَفَ) جَاهِلٌ (فَعَلِمَ وَأَصَرَّ) عَلَى جُحُودِهِ عِنَادًا، (فَقَدْ ارْتَدَّ) لِأَنَّهُ مُكَذِّبٌ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ، (وَلَوْ أَخْرَجَهَا) جَاحِدًا لِظُهُورِ أَدِلَّةِ الْوُجُوبِ، فَلَا عُذْرَ لَهُ، (وَتُؤْخَذُ) مِنْهُ (بَعْدَ اسْتِقْرَارِهَا) لِاسْتِحْقَاقِ أَهْلِ الزَّكَاةِ لَهَا (وَيُعَامَلُ كَمُرْتَدٍّ) ، أَيْ: فَيُسْتَتَابُ ثَلَاثًا، فَإِنْ تَابَ، وَإِلَّا قُتِلَ.
(وَمَنْ مَنَعَهَا) ، أَيْ: الزَّكَاةَ (بُخْلًا) بِهَا (أَوْ تَهَاوُنًا) بِلَا جَحْدٍ، (أُخِذَتْ) مِنْهُ قَهْرًا كَدَيْنِ آدَمِيٍّ، وَخَرَاجٍ (وَعَزَّرَ مَنْ عَلِمَ تَحْرِيمَ ذَلِكَ) ، أَيْ: الْمَنْعِ بُخْلًا أَوْ تَهَاوُنًا (إمَامٌ) فَاعِلُ عَزَّرَ (عَادِلٌ) فِي الزَّكَاةِ يَضَعُهَا مَوَاضِعَهَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَدْلًا فِي غَيْرِهَا (أَوْ) عَزَّرَهُ (عَامِلٌ) عَدْلٌ لِمَنْعِهِ الزَّكَاةَ، (وَ) إنْ كَانَ الْإِمَامُ (غَيْرَ عَادِلٍ) لَا يَصْرِفُهَا فِي مَصْرِفِهَا، فَهُوَ عُذْرٌ فِي عَدَمِ دَفْعِهَا إلَيْهِ، فَ (لَا) يُعَزِّرُهُ، لِأَنَّهُ رُبَّمَا اعْتَقَدَ ذَلِكَ عُذْرًا فِي التَّأْخِيرِ
(فَإِنْ غَيَّبَ مَالَهُ أَوْ كَتَمَهُ أَوْ قَاتَلَ دُونَهَا) ، أَيْ: الزَّكَاةِ، أَيْ: قَاتَلَ جَابِيَهَا، (وَأَمْكَنَ أَخْذَهَا) مِنْهُ (بِقِتَالِهِ) ، أَيْ: قِتَالِ الْإِمَامِ إيَّاهُ، (وَجَبَ قِتَالُهُ عَلَى إمَامٍ وَضَعَهَا) ، أَيْ: الزَّكَاةَ (مَوَاضِعَهَا) " لِاتِّفَاقِ الصِّدِّيقِ وَالصَّحَابَةِ عَلَى قِتَالِ مَانِعِي الزَّكَاةِ، وَقَالَ: وَاَللَّهِ لَوْ مَنَعُونِي عِنَاقًا - وَفِي لَفْظٍ عِقَالًا - كَانُوا يُؤَدُّونَهُ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَيْهَا " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. (وَأُخِذَتْ) الزَّكَاةُ (فَقَطْ) ، أَيْ: بِلَا زِيَادَةٍ عَلَيْهَا، لِحَدِيثِ الصِّدِّيقِ. وَمَنْ سَأَلَ فَوْقَ ذَلِكَ فَلَا يُعْطَاهُ. وَكَانَ مَنْعُ الزَّكَاةِ فِي خِلَافَةِ الصِّدِّيقِ مَعَ تَوَفُّرِ الصَّحَابَةِ، وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْهُمْ أَخْذُ زِيَادَةٍ، وَلَا قَوْلٌ بِهِ. وَحَدِيثُ: «فَإِنَّا آخِذُوهَا وَشَطْرَ إبِلِهِ أَوْ مَالِهِ» كَانَ فِي بَدْءِ الْإِسْلَامِ، حَيْثُ كَانَتْ الْعُقُوبَاتُ بِالْمَالِ، ثُمَّ نُسِخَ فِي حَدِيثِ الصِّدِّيقِ.
(وَلَا يُكَفَّرُ) مَانِعُ زَكَاةٍ غَيْرُ جَاحِدٍ إذَا قَاتَلَ عَلَيْهَا (بِقِتَالِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute