الْحَمِيدِ، كَمُحَمَّدٍ سُمِّيَ بِهِمَا لِكَثْرَةِ خِصَالِهِ الْمَحْمُودَةِ. وَأَسْمَاؤُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَثِيرَةٌ، أَوْصَلَهَا بَعْضُهُمْ إلَى أَلْفِ اسْمٍ.
قَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ، فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ ": أَمَّا أَسْمَاءُ اللَّهِ تَعَالَى: فَهَذَا الْعَدَدُ صَغِيرٌ فِيهَا، وَأَمَّا أَسْمَاءُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمْ أُحْصِهَا إلَّا مِنْ جِهَةِ الْوُرُودِ الظَّاهِرِ بِصِيغَةِ الْأَسْمَاءِ الْبَيِّنَةِ، فَوَعَيْتُ مِنْهَا أَرْبَعَةً وَسِتِّينَ اسْمًا، ثُمَّ ذَكَرَهَا مُفَصَّلَةً مَشْرُوحَةً (فَأَطْفَأَ نَارَ الشِّرْكِ وَأَخْمَدَ) أَيْ: أَزَالَ لَهَبَهُ وَحَرَارَتَهُ بِالْكُلِّيَّةِ (وَأَعْلَى) أَيْ: رَفَعَ (مَنَارَ) دِينِ (الْإِسْلَامِ) وَجَدَّدَ، أَيْ: رَفَعَ شَأْنَهُ وَعَظَّمَهُ حَتَّى فَاقَ سَائِرَ الْأَدْيَانِ (وَبَيَّنَ شَرَائِعَ) : جَمْعُ شَرِيعَةٍ وَهِيَ: السُّنَّةُ وَالطَّرِيقَةُ (الْأَحْكَامِ) : جَمْعُ حُكْمٍ، وَهُوَ فِي اللُّغَةِ: الْقَضَاءُ وَالْحِكْمَةُ، وَفِي الِاصْطِلَاحِ: خِطَابُ اللَّهِ الْمُفِيدُ فَائِدَةً شَرْعِيَّةً.
(وَحَدَّدَ) أَيْ: جَعَلَ لَهَا حُدُودًا لَا تَجُوزُ مُجَاوَزَتُهَا، وَالْحَدُّ: النِّهَايَةُ الَّتِي إذَا بَلَغَ الْمَحْدُودُ لَهُ وَقَفَ عِنْدَهَا.
(وَقَارَبَ) أَيْ: تَرَكَ الْغُلُوَّ فِيمَا أَمَرَ وَقَصَدَ التَّقْرِيبَ، لِيَحْصُلَ لِلْمُقَصِّرِ فِي الْعَمَلِ أَوْفَرُ نَصِيبٍ.
(وَسَدَّدَ) أَيْ: أَرْشَدَ هَذِهِ الْأُمَّةَ لِلسَّدَادِ، وَهُوَ: الصَّوَابُ قَوْلًا وَعَمَلًا.
(وَلِرَأْفَتِهِ) : رَحْمَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (بِأُمَّتِهِ) الَّتِي هِيَ خَيْرُ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ. (سَهَّلَ) أَيْ: يَسَّرَ. (وَمَا شَدَّدَ) .
وَلَا يَخْفَى مَا فِي جَدَّدَ وَحَدَّدَ، وَسَدَّدَ وَشَدَّدَ، مِنْ الْجِنَاسِ الْمُصْحَفِ (أَتَى بِكِتَابٍ) أَيْ: قُرْآنٍ (مُحْكَمٍ) لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ، وَلَا مِنْ خَلْفِهِ (وَشَرْعٍ) ، وَهُوَ: مَا شَرَعَهُ اللَّهُ مِنْ الْأَحْكَامِ (مُؤَيَّدٍ) بِالْمُعْجِزَاتِ الظَّاهِرَةِ (وَدِينٍ) وَهُوَ دِينُ الْإِسْلَامِ قَيِّمٌ لَا أَعْوِجَاجَ فِيهِ، (وَحُكْمٍ) ، أَيْ قَضَاءٍ (٤ مُؤَبَّدٍ) أَيْ: مُسْتَمِرٍّ عَلَى الدَّوَامِ لَا يَعْتَرِيهِ نَقْصٌ، وَلَا انْصِرَامٌ (وَتَفَقَّهَ) أَيْ: تَفَهُّمٍ (عَلَيْهِ) أَيْ: مِنْهُ، وَعَدَّى وَتَفَقَّهَ بِعَلَى لِتَضَمُّنِهِ مَعْنَى قَرَأَ، أَوْ عَلَى بِمَعْنَى عَنْ كَقَوْلِ الشَّاعِر:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute