أَيْ يَوْمِ تِلْكَ اللَّيْلَةِ (حُكْمًا ظَنِّيًّا احْتِيَاطِيًّا) خُرُوجًا مِنْ عُهْدَةِ الْوُجُوبِ (بِنِيَّةِ) أَنَّهُ مِنْ (رَمَضَانَ) ، اخْتَارَهُ الْخِرَقِيِّ، وَأَكْثَرُ شُيُوخِ أَصْحَابِنَا، وَهُوَ مَذْهَبُ: عُمَرَ، وَابْنِهِ، وَعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَأَنَسٍ وَمُعَاوِيَةَ وَعَائِشَةَ وَأَسْمَاءَ ابْنَتَيْ أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لِحَدِيثِ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا: «إنَّمَا الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ، فَلَا تَصُومُوا حَتَّى تَرَوْا الْهِلَالَ، وَلَا تُفْطِرُوا حَتَّى تَرَوْهُ، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ، فَاقْدُرُوا لَهُ» قَالَ نَافِعٌ: " كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ إذَا مَضَى مِنْ الشَّهْرِ تِسْعَةٌ وَعِشْرُونَ يَوْمًا، يَبْعَثُ مَنْ يَنْظُرُ لَهُ الْهِلَالَ، فَإِنْ رُئِيَ فَذَاكَ، وَإِنْ لَمْ يُرَ، وَلَمْ يَحُلْ دُونَ مَنْظَرِهِ سَحَابٌ وَلَا قَتَرٌ، أَصْبَحَ مُفْطِرًا، وَإِنْ حَالَ دُونَ مَنْظَرِهِ سَحَابٌ أَوْ قَتَرٌ، أَصْبَحَ صَائِمًا ". وَمَعْنَى اُقْدُرُوا لَهُ: ضَيِّقُوا، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ} [الطلاق: ٧] {وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ} [سبأ: ١١] وَالتَّضْيِيقُ: جَعْلُ شَعْبَانَ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا. وَقَدْ فَسَّرَهُ ابْنُ عُمَرَ بِفِعْلِهِ، وَهُوَ رَاوِيهِ، وَأَعْلَمُ بِمَعْنَاهُ، فَوَجَبَ الرُّجُوعُ إلَيْهِ، كَتَفْسِيرِ التَّفَرُّقِ فِي خِيَارِ الْمُتَبَايِعَيْنِ. وَقَدْ صَنَّفَ الْأَصْحَابُ فِي الْمَسْأَلَةِ التَّصَانِيفِ، وَنَصَرُوا الْمَذْهَبَ، وَرَدُّوا حُجَجَ الْمُخَالِفِ بِمَا يَطُولُ ذِكْرُهُ، وَإِنْ اشْتَغَلُوا عَنْ التَّرَائِيِ لِعَدُوٍّ، أَوْ حَرِيقٍ وَنَحْوِهِ، وَذَلِكَ نَادِرٌ، فَيَنْسَحِبُ عَلَيْهِ ذَيْلُ الْغَالِبِ، وَفَارَقَ الْغَيْمَ وَالْقَتَرَ، فَإِنَّ وُقُوعَهُمَا غَالِبٌ، وَقَدْ اسْتَوَى مَعَهُمَا الِاحْتِمَالَانِ، فَعَمَلنَا بِأَحْوَطِهِمَا، قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ. (وَلَيْسَ ذَلِكَ) ، أَيْ: وُجُوبُ صِيَامِهِ حُكْمًا ظَنِّيًّا (بِشَكٍّ فِي النِّيَّةِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute