لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: ١٨٤] (مَا لَمْ يَتَعَذَّرْ) عَلَيْهِ (قَضَاءٌ لِشَبَقٍ فَيُطْعِمُ) لِكُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا، (كَكَبِيرٍ) عَاجِزٍ عَنْ صَوْمٍ، (وَمَتَى لَمْ يُمْكِنْهُ) الْوَطْءُ لِدَفْعِ الشَّبَقِ (إلَّا بِإِفْسَادِ صَوْمِ مَوْطُوءَةٍ) ، بِأَنْ لَمْ تَنْدَفِعْ شَهْوَتُهُ بِاسْتِمْنَاءٍ بِيَدِ زَوْجَتِهِ أَوْ جَارِيَتِهِ، وَلَا بِمُبَاشَرَةٍ دُونَ الْفَرْجِ، (جَازَ) لَهُ الْوَطْءُ (ضَرُورَةً) أَيْ لِدُعَاءِ الضَّرُورَةِ إلَيْهِ كَأَكْلِ مُضْطَرٍّ مَيِّتَةً، فَإِنْ كَانَ حَائِضٌ وَصَائِمَةٌ طَاهِرٌ مِنْ زَوْجَةٍ وَسُرِّيَّةٍ (فَ) وَطْءُ طَاهِرٍ (صَائِمَةٍ أَوْلَى مِنْ) وَطْءِ (حَائِضٍ) ، لِنَهْيِ الْكِتَابِ عَنْ وَطْءِ الْحَائِضِ، وَتَعَدِّي ضَرَرِهِ.
(وَتَتَعَيَّنُ) لِلْوَطْءِ (مَنْ لَمْ تَبْلُغْ) مِنْ زَوْجَةٍ وَأَمَةٍ مُبَاحَةٍ (كَمَجْنُونَةٍ وَكِتَابِيَّةٍ) لِتَحْرِيمِ إفْسَادِ صَوْمِ الْبَالِغَةِ بِلَا ضَرُورَةٍ إلَيْهِ.
(وَكُرِهَ صَوْمُ حَامِلٍ وَمُرْضِعٍ خَافَتَا عَلَى أَنْفُسِهِنَّ أَوْ) خَافَتَا عَلَى (الْوَلَدِ) كَالْمَرِيضِ، وَأَوْلَى، (وَيَقْضِيَانِ لِفِطْرٍ) عَدَدَ أَيَّامِ فِطْرِهِمَا لِقُدْرَتِهِمَا عَلَى الْقَضَاءِ (وَيَلْزَمُ مَنْ يُمَوِّنُ الْوَلَدَ إنْ خِيفَ عَلَيْهِ فَقَطْ) مِنْ الصَّوْمِ (إطْعَامُ مِسْكِينٍ فَوْرًا) لِوُجُوبِهِ كَذَلِكَ فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ، قَالَ فِي " الْفُرُوعِ ": وَهَذَا أَقْيَسُ (لِكُلِّ يَوْمٍ) أَفْطَرَتْهُ حَامِلٌ أَوْ مُرْضِعٌ خَوْفًا عَلَى الْوَلَدِ (مَا) أَيْ: طَعَامًا (يُجْزِئُ فِي كَفَّارَةٍ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [البقرة: ١٨٤] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: " كَانَتْ رُخْصَةٌ لِلشَّيْخِ الْكَبِيرِ وَالْمَرْأَةِ الْكَبِيرَةِ، وَهُمَا يُطِيقَانِ الصِّيَامَ أَنْ يُفْطِرَا وَيُطْعِمَا مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا، وَالْحُبْلَى وَالْمُرْضِعُ إذَا خَافَتَا عَلَى أَوْلَادِهِمَا، أَفْطَرَتَا وَأَطْعَمَتَا، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، وَلِأَنَّهُ فِطْرٌ بِسَبَبِ نَفْسٍ عَاجِزَةٍ مِنْ طَرِيقِ الْخِلْقَةِ، فَوَجَبَتْ بِهِ الْكَفَّارَةُ، كَالشَّيْخِ الْهَرِمِ.
(وَتُجْزِئُ) كَفَّارَةٌ (لِ) مِسْكِينٍ (وَاحِدٍ جُمْلَةً) وَاحِدَةً، قَالَ فِي " الْمُحَرَّرِ ": إنْ أَتَى بِهِ مَعَ الْقَضَاءِ جَازَ؛ لِأَنَّهُ كَالتَّكْمِلَةِ لَهُ (وَمَتَى قَبِلَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute