(وَ) يَفْسُدُ صَوْمٌ (بِإِنْزَالِ مَنِيٍّ) بِتَكْرَارِ نَظَرٍ؛ لِأَنَّهُ إنْزَالٌ بِفِعْلٍ يَلْتَذُّ بِهِ، وَيُمْكِنُ التَّحَرُّزُ مِنْهُ، أَشْبَهَ الْإِنْزَالَ بِاللَّمْسِ، وَ (لَا) يَفْسُدُ صَوْمٌ بِإِنْزَالِ (مَذْيٍ بِتَكْرَارِ نَظَرٍ) ؛ لِأَنَّهُ لَا نَصَّ فِيهِ، وَالْقِيَاسُ عَلَى إنْزَالِ الْمَنِيِّ لَا يَصِحُّ؛ لِمُخَالَفَتِهِ إيَّاهُ فِي الْأَحْكَامِ.
(وَ) يَفْسُدُ صَوْمٌ (بِإِنْزَالِهِمَا) أَيْ: الْمَنِيِّ وَالْمَذْيِ (بِاسْتِمْنَاءٍ) ، أَيْ: اسْتِدْعَاءٍ بِيَدٍ أَوْ غَيْرِهَا، (أَوْ تَقْبِيلٍ أَوْ لَمْسٍ أَوْ مُبَاشَرَةٍ دُونَ فَرْجٍ عَمْدًا ذَاكِرًا لِصَوْمِهِ فِي الْكُلِّ) ، أَيْ: كُلِّ مَا تَقَدَّمَ، أَمَّا الْإِمْنَاءُ، فَلِمُشَابَهَتِهِ الْإِمْنَاءَ بِجِمَاعٍ، لِأَنَّهُ إنْزَالٌ بِمُبَاشَرَةٍ، وَأَمَّا الْإِمْذَاءُ فَلِتَخَلُّلِ الشَّهْوَةِ لَهُ، وَخُرُوجِهِ بِالْمُبَاشَرَةِ فَيُشْبِهُ الْمَنِيَّ، وَبِهَذَا فَارَقَ الْبَوْلَ (وَلَوْ جَهِلَ التَّحْرِيمَ) ؛ لِعُمُومِ مَا سَبَقَ.
(وَكَذَا) يَفْسُدُ صَوْمٌ بِ (كُلِّ مَا يَصِلُ لِمُسَمًّى جَوْفٌ) كَالدِّمَاغِ وَالْحَلْقِ وَالدُّبُرِ، وَبَاطِنِ الْفَرْجِ، (فَيُفْطِرُ مَنْ أَكَلَ أَوْ شَرِبَ، وَلَوْ رِيقًا أَخْرَجَهُ بَيْنَ شَفَتَيْهِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} [البقرة: ١٨٧] فَأَبَاحَهَا إلَى غَايَةٍ، وَهِيَ تَبَيُّنُ الْفَجْرِ، ثُمَّ أَمَرَ بِالْإِمْسَاكِ عَنْهُمَا إلَى اللَّيْلِ؛ لِأَنَّ حُكْمَ مَا بَعْدَ الْفَاتِحَةِ مُخَالِفٌ لِمَا قَبْلَهَا، (أَوْ اسْتَعَطَ) فِي أَنْفِهِ بِدُهْنٍ أَوْ غَيْرِهِ، فَوَصَلَ إلَى حَلْقِهِ أَوْ دِمَاغِهِ لِنَهْيِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الصَّائِمَ عَنْ الْمُبَالَغَةِ فِي الِاسْتِنْشَاقِ، وَلِأَنَّ الدِّمَاغَ جَوْفٌ، وَالْوَاصِلُ إلَيْهِ يُغَذِّيهِ، فَيُفْطِرُ كَجَوْفِ الْبَدَنِ.
(أَوْ احْتَقَنَ) فِي دُبُرِهِ فَسَدَ صَوْمُهُ؛ لِأَنَّهُ يَصِلُ إلَى الْجَوْفِ، وَلِأَنَّ غَيْرَ الْمُعْتَادِ كَالْمُعْتَادِ فِي الْوَاصِلِ، وَلِأَنَّهُ أَبْلَغُ وَأَوْلَى مِنْ الِاسْتِعَاطِ.
(أَوْ دَاوَى الْجَائِفَةَ، فَوَصَلَ إلَى جَوْفِهِ) لِإِيصَالِهِ إلَى جَوْفِهِ شَيْئًا بِاخْتِيَارِهِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ أَكَلَ (أَوْ اكْتَحَلَ بِمَا عَلِمَ وُصُولَهُ إلَى حَلْقِهِ مِنْ كُحْلٍ أَوْ صَبِرٍ أَوْ قُطُورٍ أَوْ ذَرُورٍ أَوْ إثْمِدٍ) وَلَوْ يَسِيرًا، أَوْ غَيْرَ مُطَيِّبٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute