وَبَقِيَ فِي فَمِهِ نَجِسًا فَبَلَعَ رِيقَهُ، فَإِنَّ تَحَقَّقَ أَنَّهُ بَلَعَ شَيْئًا نَجِسًا، أَفْطَرَ، وَإِلَّا فَلَا.
(كَمَا لَوْ فَعَلَ شَيْئًا مِمَّا يُفْطِرُ نَاسِيًا) ؛ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: «مَنْ نَسِيَ وَهُوَ صَائِمٌ، فَأَكَلَ أَوْ شَرِبَ، فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ، فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ اللَّهُ وَسَقَاهُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
(وَيَجِبُ تَذْكِيرُهُ) ، أَيْ: النَّاسِي؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ، (كَإِعْلَامِ جَاهِلٍ) أَنَّ هَذَا الْفِعْلَ مِمَّا يُضْطَرُّ بِهِ فَاعِلُهُ، (أَوْ) فَعَلَ شَيْئًا مِمَّا يُفْطِرُ (مُكْرَهًا) ؛ لِحَدِيثِ: «عُفِيَ لِأُمَّتِي عَنْ الْخَطَإِ وَالنِّسْيَانِ، وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» (أَوْ) كَانَ (غَيْرَ قَاصِدٍ لِبَلْعِ نَحْوِ غُبَارٍ) كَذُبَابٍ طَارَ إلَى حَلْقِهِ؛ لِأَنَّ غَيْرَ الْقَاصِدِ عَاقِلٌ غَيْرُ مُكَلَّفٍ، وَإِلَّا لَزِمَ تَكْلِيفُ مَا لَا يُطَاقُ، (وَلَوْ بِوَجُورِ مُغْمًى عَلَيْهِ مُعَالَجَةً) ؛ لِعُمُومِ قَوْلِهِ: «وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» .
(وَلَا) يَفْسُدُ صَوْمٌ (بِفَصْدٍ) لِأَنَّ الْقِيَاسَ لَا يَقْتَضِيهِ، (وَ) لَا بِ (شَرْطٍ) ، وَلَا جَرْحٍ بَدَلَ حِجَامَةٍ لِلتَّدَاوِي، (وَ) لَا يَفْسُدُ صَوْمٌ بِ (غِيبَةٍ وَسَمَاعِهَا) لِمَا يَأْتِي، (وَلَا) يَفْسُدُ صَوْمُ غَيْرِ قَاصِدٍ لِلْفِعْلِ كَ (إنْ طَارَ إلَى حَلْقِهِ ذُبَابٌ أَوْ غُبَارٌ أَوْ دُخَانٌ) أَوْ نَخْلٌ، نَحْوُ دَقِيقٍ كَاكْتِيَالِهِ حَبًّا فَدَخَلَ الْغُبَارُ حَلْقَهُ لِعَدَمِ إمْكَانِ التَّحَرُّزِ مِنْهُ، وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ مَنْ ابْتَلَعَ الدُّخَانَ قَصْدًا فَسَدَ صَوْمُهُ.
(أَوْ) ، أَيْ: وَلَا يَفْسُدُ صَوْمٌ إنْ (دَخَلَ فِي قُبُلٍ) - كَإِحْلِيلٍ، (وَلَوْ) كَانَ الْقُبُلُ (لِأُنْثَى - غَيْرَ ذَكَرٍ أَصْلِيٍّ كَإِصْبَعِ وَعُودٍ) ، وَذَكَرِ خُنْثَى مُشْكِلٍ بِلَا إنْزَالٍ؛ لِأَنَّ مَسْلَكَ الذَّكَرِ مِنْ الْفَرْجِ فِي حُكْمِ الظَّاهِرِ كَالْفَمِ لِوُجُوبِ غَسْلِ نَجَاسَةٍ، وَإِذَا ظَهَرَ حَيْضُهَا إلَيْهِ فَسَدَ صَوْمُهَا، وَلَوْ لَمْ يُخْرِجْ، وَلَوْ كَانَ فِي حُكْمِ الْبَاطِنِ لَمْ يَفْسُدْ صَوْمُهَا حَتَّى يَخْرُجَ مِنْهُ، وَلَمْ يَجِبْ غَسْلُهُ كَالدُّبُرِ، وَإِنَّمَا فَسَدَ صَوْمُهَا بِإِيلَاجِ ذَكَرِ الرَّجُلِ فِيهِ لِكَوْنِهِ جِمَاعًا لَا لِكَوْنِهِ وُصُولًا إلَى بَاطِنٍ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ أَوْلَجَ أُصْبُعَهُ فِي قُبُلِهَا فَإِنَّهُ لَا يَبْطُلُ صَوْمُهَا، وَالْجِمَاعُ يَفْسُدُ لِكَوْنِهِ مَظِنَّةَ الْإِنْزَالِ، فَأُقِيمَ مَقَامَ الْإِنْزَالِ؛ وَلِهَذَا يَفْسُدُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute