نَذْرُ (عُمْرَةٍ) فِي الذِّمَّةِ، (أَوْ) نَذْرُ (طَوَافٍ) فِي الذِّمَّةِ، (أَوْ) نَذْرُ (صَلَاةٍ) فِي الذِّمَّةِ، (أَوْ) نَذْرُ (اعْتِكَافٍ) فِي الذِّمَّةِ، نَصًّا، (لَمْ يَفْعَلْ مِنْهُ) ، أَيْ: مَا ذُكِرَ، (شَيْئًا، مَعَ إمْكَانِ) فِعْلِ مَنْذُورٍ، بِأَنْ مَضَى مَا يَتَّسِعُ لِفِعْلِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ، (غَيْرَ حَجٍّ، وَلَمْ يُخَلِّفْ مَالًا) ، فَيَفْعَلُ عَنْهُ مُطْلَقًا، تَمَكَّنَ مِنْهُ أَوْ لَا؛ لِجَوَازِ النِّيَابَةِ فِيهِ حَالَ الْحَيَاةِ، فَبَعْدَ الْمَوْتِ أَوْلَى، (سُنَّ لِوَلِيِّهِ) ، أَيْ: الْمَيِّتِ (فِعْلُهُ) ، أَيْ: النَّذْرِ الْمَذْكُورِ؛ لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّ أُمِّي مَاتَتْ، وَعَلَيْهَا صَوْمُ نَذْرٍ، أَفَأَصُومُ عَنْهَا؟ فَقَالَ: أَرَأَيْتِ لَوْ كَانَ عَلَى أُمِّكِ دَيْنٌ، فَقَضَيْتِهِ عَنْهَا، أَكَانَ ذَلِكَ يُؤَدِّي عَنْهَا؟ قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ: فَصَوْمِي عَنْ أُمِّكِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَفِي الْبَابِ غَيْرُهُ، وَمَا رَوَاهُ مَالِكٌ فِي " الْمُوَطَّإِ " أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: " لَا يَصُومُ أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ، وَلَا يُصَلِّي أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ "، فَيُحْمَلُ عَلَى غَيْرِ النَّذْرِ؛ لِلنُّصُوصِ الصَّحِيحَةِ الصَّرِيحَةِ فِي النَّذْرِ، وَالنِّيَابَةُ تَدْخُلُ الْعِبَادَةَ بِحَسَبِ خِفَّتِهَا، وَالنَّذْرُ أَخَفُّ حُكْمًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَجِبْ بِأَصْلِ الشَّرْعِ.
(وَيَجُوزُ لِغَيْرِهِ) ، أَيْ: غَيْرِ الْوَلِيِّ، فِعْلُ مَا عَلَى الْمَيِّتِ مِنْ نَذْرٍ (بِإِذْنِهِ) ، أَيْ: الْوَلِيِّ، (وَدُونَهُ) ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَبَّهَهُ بِالدَّيْنِ، وَالدَّيْنُ يَصِحُّ قَضَاؤُهُ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ.
(وَيُجْزِئُ صَوْمُ جَمَاعَةٍ) عَنْ مَيِّتٍ نَذْرًا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ، بِأَنْ نَذَرَ شَهْرًا وَمَاتَ، فَصَامَهُ عَنْهُ ثَلَاثُونَ (فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ) ؛ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِهِ، مَعَ نِجَازِ إبْرَاءِ ذِمَّتِهِ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ مُتَتَابِعًا؛ لِأَنَّ الَّذِي يَضُرُّ فِي التَّتَابُعِ التَّفَرُّقُ وَالْمَعِيَّةُ لَا تَفْرِيقَ فِيهَا، بَلْ هِيَ أَقْوَى اتِّصَالًا مِنْ التَّتَابُعِ.
تَنْبِيهٌ: عُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّ غَيْرَ الْحَجِّ مِنْ الصَّوْمِ، وَالصَّلَاةِ، وَالطَّوَافِ، وَالِاعْتِكَافِ الْمَنْذُورِ فِي الذِّمَّةِ، إنَّمَا يُفْعَلُ إذَا تَمَكَّنَ مِنْ فِعْلِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ، وَلَمْ يَفْعَلْهُ، وَذَلِكَ لِأَنَّ النَّذْرَ وَإِنْ تَعَلَّقَ بِالذِّمَّةِ، لَكِنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِالْأَيَّامِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute