عَلَى فَضِيلَتِهَا؛ لِأَنَّهُ شَبَّهَ صِيَامَهَا بِصِيَامِ الدَّهْرِ، وَهُوَ مَكْرُوهٌ؛ لِانْتِفَاءِ الْمَفْسَدَةِ فِي صَوْمِهَا دُونَ صَوْمِهِ.
(وَ) سُنَّ (صَوْمُ الْمُحَرَّمِ، وَهُوَ أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ) صِيَامِ شَهْرِ (رَمَضَانَ) ؛ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَفْضَلُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْمَكْتُوبَةِ: جَوْفُ اللَّيْلِ، وَأَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ: شَهْرُ اللَّهِ الْمُحَرَّمُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ.
وَأَضَافَهُ إلَيْهِ تَفْخِيمًا وَتَعْظِيمًا، وَلَمْ يُكْثِرْ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - الصَّوْمَ فِيهِ، إمَّا لِعُذْرٍ، أَوْ لَمْ يَعْلَمْ فَضْلَهُ إلَّا أَخِيرًا.
وَالْمُرَادُ: أَفْضَلُ شَهْرِ تَطَوَّعَ بِهِ كَامِلًا بَعْدَ رَمَضَانَ: شَهْرُ اللَّهِ الْمُحَرَّمُ؛ لِأَنَّ بَعْضَ التَّطَوُّعِ قَدْ يَكُونُ أَفْضَلَ مِنْ أَيَّامِهِ، كَعَرَفَةَ وَذِي الْحِجَّةِ، فَالتَّطَوُّعُ الْمُطْلَقُ أَفْضَلُهُ: الْمُحَرَّمُ، كَمَا أَنَّ أَفْضَلَ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْمَكْتُوبَةِ: قِيَامُ اللَّيْلِ.
(وَآكَدُهُ) ، وَعِبَارَةُ بَعْضِهِمْ: وَأَفْضَلُهُ: (عَاشُورَاءُ) بِالْمَدِّ فِي الْأَشْهَرِ، وَلَا يُكْرَهُ إفْرَادُهُ بِالصَّوْمِ.
(وَهُوَ) ، أَيْ: صَوْمُ عَاشُورَاءَ (كَفَّارَةُ سَنَةٍ) ؛ لِحَدِيثِ «إنِّي لَأَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ» قَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ: وَإِنَّمَا كَفَّرَ عَاشُورَاءُ السَّنَةَ الْمَاضِيَةَ، لِأَنَّهُ تَبَعُهَا، وَجَاءَ بَعْدَهَا، وَالتَّكْفِيرُ بِالصَّوْمِ إنَّمَا يَكُونُ لَا لِمَا يَأْتِي.
(وَلَمْ يَجِبْ) صَوْمُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ (ثُمَّ نُسِخَ) ، لِحَدِيثِ مُعَاوِيَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «إنَّ هَذَا عَاشُورَاءُ، لَمْ يَكْتُبْ اللَّهُ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ، فَمَنْ شَاءَ فَلْيَصُمْ، وَمَنْ شَاءَ فَلْيُفْطِرْ» قَالَ الْقَاضِي: حَدِيثٌ صَحِيحٌ.
(خِلَافًا لِجَمْعٍ) مِنْهُمْ: الْمُوَفَّقُ، وَالشَّارِحُ، وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ قَالَ فِي " الْإِنْصَافِ ": لَمْ يَجِبْ صَوْمُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ قَبْلَ فَرْضِ رَمَضَانَ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ.
قَدَّمَهُ فِي " الْفُرُوعِ " وَقَالَ: اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ، مِنْهُمْ: الْقَاضِي، قَالَ الْمَجْدُ: هُوَ الْأَصَحُّ مِنْ قَوْلِ أَصْحَابِنَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute