(وَ) يَتَّجِهُ (أَنَّهُ إنْ أَفْطَرَ) مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ (أَثْنَاءَ أَيَّامٍ) مَنْذُورٍ تَتَابُعُهَا، (اعْتَكَفَهَا) حَالَ كَوْنِهِ (صَائِمًا) ، فَإِنَّهُ (يَسْتَأْنِفُ) اعْتِكَافَهَا صَائِمًا، لِقَطْعِهِ التَّتَابُعَ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ إيصَالُهُ بِإِيجَابِهِ عَلَى نَفْسِهِ، وَهَذَا الِاتِّجَاهُ الْأَخِيرُ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي " الشَّرْحِ "، وَعِبَارَتُهُ: فَإِنْ نَذَرَ اعْتِكَافَ أَيَّامٍ مُتَتَابِعَةٍ بِصَوْمٍ، فَأَفْطَرَ يَوْمًا، أَفْسَدَ تَتَابُعَهُ، وَوَجَبَ الِاسْتِئْنَافُ لِإِخْلَالِهِ بِالْإِتْيَانِ بِمَا نَذَرَهُ عَلَى صِفَتِهِ انْتَهَى.
(وَحَرُمَ اعْتِكَافُ زَوْجَةٍ وَقِنٍّ) وَأُمِّ وَلَدٍ وَمُدَبَّرٍ وَمُعَلَّقٍ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ (بِلَا إذْنِ زَوْجٍ) لِزَوْجَتِهِ، (وَسَيِّدٍ) لِرَقِيقِهِ، لِأَنَّ مَنَافِعَهُمَا لَيْسَتْ مَمْلُوكَةً لَهُمَا وَتَفُوتُ بِالِاعْتِكَافِ، وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ فِي الشَّرْعِ، فَلَمْ يَجُزْ إلَّا بِإِذْنِ مَالِكِ الْمَنْفَعَةِ، (وَلَهُمَا) ، أَيْ: الزَّوْجِ وَالسَّيِّدِ (تَحْلِيلُهُمَا) ، أَيْ: الزَّوْجَةِ وَالْقِنِّ (مِمَّا شَرَعَا فِيهِ) مِنْ اعْتِكَافٍ وَلَوْ مَنْذُورًا (بِلَا إذْنِ) زَوْجٍ أَوْ سَيِّدٍ، لِحَدِيثِ: «لَا تَصُومُ الْمَرْأَةُ وَزَوْجُهَا شَاهِدٌ يَوْمًا مِنْ غَيْرِ رَمَضَانَ إلَّا بِإِذْنِهِ» رَوَاهُ الْخَمْسَةُ وَحَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ.
وَلِمَا فِيهِ مِنْ تَفْوِيتِ حَقِّ غَيْرِهِمَا إذَنْ، فَكَانَ لِرَبِّ الْحَقِّ الْمَنْعُ، (أَوْ) كَانَا شَرَعَا فِيهِ (بِهِ) ، أَيْ: بِإِذْنِ زَوْجٍ وَسَيِّدٍ، (وَهُوَ) ، أَيْ: مَا شَرَعَا فِيهِ (تَطَوُّعٌ) ، لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَذِنَ لِعَائِشَةَ وَحَفْصَةَ وَزَيْنَبَ فِي الِاعْتِكَافِ، ثُمَّ مَنَعَهُنَّ مِنْهُ بَعْدَ أَنْ دَخَلْنَ» وَيُخَالِفُ الْحَجَّ، فَإِنَّهُ يَجِبُ بِالشُّرُوعِ فِيهِ، وَلَيْسَ لَهُمَا تَحْلِيلُهُمَا مِنْ مَنْذُورٍ شَرَعَا فِيهِ بِالْإِذْنِ، (وَالْإِذْنُ) لِلزَّوْجَةِ وَالْقِنِّ (فِي عَقْدِ نَذْرٍ مُعَيَّنٍ) ، كَمَا لَوْ أَذِنَ الزَّوْجُ وَالسَّيِّدُ لَهُمَا فِي نَذْرِ اعْتِكَافِ الْعَشْرِ الْأَخِيرِ مِنْ رَمَضَانَ، (إذَنْ) لَهُمَا (فِي فِعْلِهِ) ، وَإِنْ أَذِنَا لَهُمَا فِي عَقْدٍ نَذْرٍ زَمَنًا غَيْرَ مُعَيَّنٍ، فَلَا يَكُونُ الْإِذْنُ فِي النَّذْرِ إذْنًا فِي الْفِعْلِ، لِأَنَّ زَمَنَ الشُّرُوعِ لَمْ يَقْتَضِهِ الْإِذْنُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute