(وَتُتَحَيَّضُ نَدْبًا) مُعْتَكِفَةٌ حَاضَتْ (بِخِبَاءٍ فِي رَحْبَتِهِ) ، أَيْ: الْمَسْجِدِ (غَيْرِ الْمَحُوطَةِ إنْ كَانَتْ) لَهُ رَحْبَةٌ (وَأَمْكَنَ) تَحَيُّضُهَا فِيهَا (بِلَا ضَرَرٍ) فِي ذَلِكَ عَلَى أَحَدٍ، لِحَدِيثِ عَائِشَةَ: «كُنَّ الْمُعْتَكِفَاتِ إذَا حِضْنَ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِإِخْرَاجِهِنَّ مِنْ الْمَسْجِدِ وَأَنْ يَضْرِبْنَ الْأَخْبِيَةَ فِي رَحْبَةِ الْمَسْجِدِ حَتَّى يَطْهُرْنَ» رَوَاهُ أَبُو حَفْصٍ.
(إلَّا) يَكُنْ لِلْمَسْجِدِ رَحْبَةٌ، أَوْ كَانَتْ، وَفِيهِ ضَرَرٌ، تَحَيَّضَتْ (بِبَيْتِهَا) ، لِأَنَّهُ أَوْلَى فِي حَقِّهَا إلَى أَنْ تَطْهُرَ فَتَعُودَ، وَتُتَمِّمَ اعْتِكَافَهَا، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا إلَّا الْقَضَاءُ أَيَّامَ حَيْضِهَا.
(وَتَقْضِي أَيَّامَ نَحْوِ حَيْضِهَا) كَإِخْرَاجِهَا وَحَبْسِهَا لِحَقٍّ وَاجِبٍ. (وَكَحَيْضٍ) فِيمَا تَقَدَّمَ (نِفَاسٌ) ، لِأَنَّهُ فِي مَعْنَاهُ (لَا اسْتِحَاضَةٌ) ، لِأَنَّهَا لَا تَمْنَعُ الصَّلَاةَ (فَتَتَلَجَّمُ وَتَسْتَمِرُّ) ، لِقَوْلِ عَائِشَةَ: «اعْتَكَفَتْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - امْرَأَةٌ مِنْ أَزْوَاجِهِ مُسْتَحَاضَةٌ، فَكَانَتْ تَرَى الْحُمْرَةَ وَالصُّفْرَةَ، وَرُبَّمَا وَضَعَتْ الطَّسْتَ تَحْتَهَا، وَهِيَ تُصَلِّي» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
(وَيَجِبُ) عَلَى مُعْتَكِفٍ (فِي) اعْتِكَافٍ (وَاجِبٍ) خَرَجَ لِعُذْرٍ يُبِيحُهُ (رُجُوعٌ) إلَى مُعْتَكَفِهِ (بِزَوَالِ عُذْرٍ) ، لِأَنَّهُ الْحُكْمُ يَدُورُ مَعَ عِلَّتِهِ، (فَإِنْ أَخَّرَ) رُجُوعَهُ إلَى مُعْتَكَفِهِ (عَنْ وَقْتِ إمْكَانِهِ) ، أَيْ: إمْكَانِ الرُّجُوعِ، وَلَوْ يَسِيرًا (بِلَا عُذْرٍ، بَطَلَ) مَا مَضَى مِنْ اعْتِكَافِهِ، (وَلَا يَضُرُّ تَطَاوُلُ خُرُوجٍ مُعْتَادٍ، ك) خُرُوجٍ (لِحَاجَةِ بَوْلٍ) أَوْ غَائِطٍ، (وَطَهَارَةٍ) مِنْ حَدَثٍ (وَطَعَامٍ وَشَرَابٍ وَجُمُعَةٍ، ف) لَا يَنْقُصُ تَطَاوُلُهُ مُدَّةَ الِاعْتِكَافِ، و (لَا يَقْضِي مُدَّةَ خُرُوجِهِ) ، لِأَنَّ الْخُرُوجَ لِلْمُعْتَادِ كَالْمُسْتَثْنَى لِكَوْنِهِ مُعْتَادًا، وَلَا كَفَّارَةَ، (ك) مَا لَا يَضُرُّ (يَسِيرُ) خُرُوجٍ لِعُذْرٍ غَيْرِ مُعْتَادٍ، كَنَفِيرٍ وَشَهَادَةٍ وَاجِبَةٍ، وَخَوْفٍ مِنْ فِتْنَةٍ، وَمَرَضٍ وَقَيْءٍ بَغَتَهُ، وَغَسْلِ مُتَنَجِّسٍ يَحْتَاجُهُ، وَإِطْفَاءِ حَرِيقٍ وَنَحْوِهِ، فَلَا يَقْضِي الْوَقْتَ الْفَائِتَ لِذَلِكَ، لِأَنَّهُ يَسِيرٌ، أَشْبَهَ حَاجَةَ الْإِنْسَانِ، (لَا تَطَاوُلَهُ) ، أَيْ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute