بَعْدَ إفَاقَتِهِ، لِأَنَّهُ غَيْرُ آثِمٍ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ (أَوْ ارْتَدَّ) مُعْتَكِفٌ بَطَلَ اعْتِكَافُهُ، لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} [الزمر: ٦٥] وَلِخُرُوجِهِ عَنْ أَهْلِيَّةِ الْعِبَادَةِ فَأَشْبَهَ رِدَّتَهُ فِي الصَّوْمِ.
(أَوْ خَرَجَ) الْمُعْتَكِفُ (كُلُّهُ) لِمَا لَهُ، مِنْهُ بُدٌّ (بِلَا عُذْرٍ وَلَوْ قَلَّ زَمَنُ خُرُوجِهِ) ، بَطَلَ اعْتِكَافُهُ لِتَرْكِهِ اللَّبْثَ بِلَا حَاجَةٍ، أَشْبَهَ مَا لَوْ طَالَ، فَإِنْ أَخْرَجَ بَعْضَ جَسَدِهِ لَمْ يَبْطُلْ اعْتِكَافُهُ نَصًّا، لِحَدِيثِ عَائِشَةَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا اعْتَكَفَ يُدْنِي رَأْسَهُ إلَيَّ فَأُرَجِّلُهُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
(أَوْ نَوَاهُ) ، أَيْ: الْخُرُوجَ (وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ، بَطَلَ اعْتِكَافُهُ إنْ كَانَ) حِينَ فَعَلَهُ شَيْئًا مِمَّا تَقَدَّمَ (ذَاكِرًا عَامِدًا مُخْتَارًا، أَوْ) كَانَ (مُكْرَهًا بِحَقٍّ) كَمَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ يُمْكِنُهُ الْخُرُوجُ مِنْهُ، وَلَمْ يَفْعَلْ، فَأَخْرَجَ لِاسْتِيفَائِهِ مِنْهُ، وَقَوْلُهُ: أَوْ نَوَاهُ، فِيهِ نَظَرٌ، وَتَأْبَاهُ الْقَوَاعِدُ، وَلَيْسَ لَهُ فِي صَنِيعِهِمْ مُسَاعِدٌ، لِأَنَّ الِاعْتِكَافَ لَا يَبْطُلُ بِنِيَّةِ الْخُرُوجِ مِنْ الْمَسْجِدِ، بَلْ بِالْخُرُوجِ مِنْهُ، كَمَا إذَا نَوَى مُبْطِلًا لِلصَّلَاةِ، وَهُوَ فِيهَا، فَإِنَّهَا لَا تَبْطُلُ حَتَّى يَنْوِيَ قَطْعَهَا.
(وَلَزِمَ) مَنْ فَعَلَ شَيْئًا مِمَّا مَرَّ (اسْتِئْنَافُ اعْتِكَافٍ) عَلَى صِفَةِ مَا بَطَلَ (مُتَتَابِعٍ بِشَرْطِ) كُلِّهِ عَلَى إنْ اعْتَكَفَ عَشْرَةَ أَيَّامٍ مُتَتَابِعَةً، أَوْ شَهْرًا (أَوْ) مُتَتَابِعًا ب (نِيَّةِ) ، كَأَنْ نَذَرَ عَشْرَةَ أَيَّامٍ وَنَوَاهَا مُتَتَابِعَةً، ثُمَّ شَرَعَ، وَبَطَلَ اعْتِكَافُهُ، لِأَنَّهُ أَمْكَنَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْمَنْذُورِ عَلَى صِفَتِهِ، فَلَزِمَهُ كَحَالِ الِابْتِدَاءِ (وَلَا كَفَّارَةَ) عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ أَتَى بِمَا نَذَرَهُ عَلَى صِفَتِهِ، (وَ) لَزِمَ (اسْتِئْنَافُ) نَذْرٍ (مُعَيَّنٍ قُيِّدَ بِتَتَابُعٍ) كُلُّهُ عَلَى إنْ اعْتَكَفَ شَهْرَ الْمُحَرَّمِ مُتَتَابِعًا (أَوْ لَا) ، أَيْ: لَمْ يُقَيِّدْ بِتَتَابُعٍ، كَمَا لَوْ نَذَرَ أَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute