(وَيَتَّجِهُ: وَ) سُنَّ (قَوْلُهُ إنْ شُتِمَ: إنِّي مُعْتَكِفٌ) قِيَاسًا لَهُ عَلَى الصَّوْمِ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
(وَ) سُنَّ لَهُ (تَشَاغُلٌ) بِفِعْلِ الْقُرَبِ، أَيْ: كُلِّ (مَا يُتَقَرَّبُ بِهِ) إلَى اللَّهِ تَعَالَى (كَصَلَاةٍ وَذِكْرٍ) وَتِلَاوَةِ قُرْآنٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ. (وَ) سُنَّ لَهُ (اجْتِنَابُ مَا لَا يَعْنِيه) - بِفَتْحٍ أَوَّلِهِ، أَيْ: يَهُمُّهُ - (كَجِدَالٍ وَمِرَاءٍ وَكَثْرَةِ كَلَامٍ) ، لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مِنْ حُسْنِ إسْلَامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لَا يَعْنِيهِ» . (وَكُرِهَ ذَلِكَ لِمُعْتَكِفٍ وَغَيْرِهِ) .
رَوَى الْخَلَّالُ عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ: كَانُوا يَكْرَهُونَ فُضُولَ الْكَلَامِ، وَكَانُوا يَعُدُّونَ فُضُولَ الْكَلَامِ مَا عَدَا كِتَابَ اللَّهِ أَنْ تَقْرَأَهُ، أَوْ أَمْرٌ بِمَعْرُوفِ، أَوْ نَهْيٌ عَنْ مُنْكَرٍ، أَوْ تَنْطِقُ فِي مَعِيشَتِك بِمَا لَا بُدَّ لَك مِنْهُ.
وَالْجَدَلُ: مُقَابَلَةُ الْحُجَّةِ بِالْحُجَّةِ، وَالْمُجَادَلَةُ الْمُنَاظَرَةُ، وَالْمُخَاصَمَةُ، وَالْمِرَاءُ: هُوَ الْجِدَالُ، فَهُمَا مُتَرَادِفَانِ، وَفِي الْحَدِيثِ «مَا أُوتِيَ قَوْمٌ الْجَدَلَ إلَّا ضَلُّوا» وَفِي رِوَايَةِ الْبَيْهَقِيّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ طَلَبَ الْعِلْمَ لِيُبَاهِيَ بِهِ الْعُلَمَاءَ، أَوْ لِيُمَارِيَ بِهِ السُّفَهَاءَ، أَوْ لِيَصْرِفَ بِهِ وُجُوهَ النَّاسِ إلَيْهِ فَهُوَ فِي النَّارِ» .
(وَلَا يُسَنُّ لَهُ) ، أَيْ: الْمُعْتَكِفِ (إقْرَاءُ قُرْآنٍ، وَ) تَدْرِيسُ (عِلْمٍ، وَمُنَاظَرَةٌ فِيهِ) ، لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَعْتَكِفُ، فَلَمْ يُنْقَلْ عَنْهُ الِاشْتِغَالُ بِغَيْرِ الْعِبَادَاتِ الْمُخْتَصَّةِ بِهِ، وَلِأَنَّ الِاعْتِكَافَ عِبَادَةٌ مِنْ شَرْطِهَا الْمَسْجِدُ، فَلَمْ يُسْتَحَبَّ فِيهَا ذَلِكَ كَالطَّوَافِ، (فَإِنْ فَعَلَ) الِاعْتِكَافَ مَعَ إقْرَاءِ الْقُرْآنِ، وَتَدْرِيسِ الْعِلْمِ، وَمُنَاظَرَةِ الْفُقَهَاءِ بِلَا مُبَاهَاةٍ، (فَلَا بَأْسَ، بَلْ هُوَ أَفْضَلُ مِنْ الِاعْتِكَافِ لِتَعَدِّي نَفْعِهِ، وَكُرِهَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute