للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَلَّ ذَلِكَ أَوْ كَثُرَ، اُحْتِيجَ إلَيْهِ أَوْ لَا، لِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الْبَيْعِ وَالِابْتِيَاعِ، وَعَنْ تَنَاشُدِ الْأَشْعَارِ فِي الْمَسَاجِدِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ، وَحَسَّنَهُ.

وَرَأَى عُمَرُ أَنَّ الْقَصِيرَ رَجُلًا يَبِيعُ فِي الْمَسْجِدِ، فَقَالَ: يَا هَذَا إنَّ هَذَا سُوقُ الْآخِرَةِ، فَإِنْ أَرَدْت الْبَيْعَ فَاخْرُجْ إلَى سُوقِ الدُّنْيَا.

(خِلَافًا لِجَمْعٍ) مِنْهُمْ صَاحِبُ الْفُصُولِ " وَ " الْمُسْتَوْعِبِ " وَالشَّارِحُ، فَإِنَّهُمْ قَالُوا: يُكْرَهُ وَيَصِحُّ، وِفَاقًا لِمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ. وَجَوَّزَ أَبُو حَنِيفَةَ الْبَيْعَ هُنَا لِلْحَاجَةِ (وَالْإِجَارَةَ كَبَيْعٍ) ، لِأَنَّهَا نَوْعٌ مِنْهُ.

(وَسُنَّ قَوْلُ) مَنْ رَأَى إنْسَانًا يَبِيعُ أَوْ يَشْتَرِي فِي الْمَسْجِدِ: (لَا أَرْبَحَ اللَّهُ تِجَارَتَك) رَدْعًا لَهُ، (وَتَقَدَّمَ آخِرَ الْغُسْلِ مَنْعُ نَحْوِ سَكْرَانَ) كَمَجْنُونٍ (مِنْهُ) ، أَيْ: الْمَسْجِدِ، صِيَانَةً لَهُ، (وَتَحْرِيمُ تَكَسُّبٍ بِصَنْعَةٍ فِيهِ) كَخِيَاطَةٍ وَغَيْرِهَا، لِحَاجَةٍ وَغَيْرِهَا، سَوَاءٌ كَانَ الصَّانِعُ يَرْعَى الْمَسْجِدَ بِكَنْسٍ وَرَشٍّ وَنَحْوِهِ، أَوْ لَمْ يَكُنْ، لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ التِّجَارَةِ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ، وَلَا يَبْطُلُ بِهِنَّ الِاعْتِكَافُ، كَسَائِرِ الْمُحَرَّمَاتِ الَّتِي لَا تُخْرِجُهُ عَنْ أَهْلِيَّةِ الْعِبَادَةِ، (وَلَا بَأْسَ ب) عَمَلٍ (يَسِيرٍ) فِي الْمَسْجِدِ (لِغَيْرِ تَكَسُّبٍ، كَرَفْعِ ثَوْبِهِ) وَخَصْفِ نَعْلِهِ، لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْمَعَاشِ.

(وَقُعُودُ صَانِعٍ فِيهِ) ، أَيْ: الْمَسْجِدِ، (لِيَنْظُرَ مَنْ يَكْرِيه) بِمَنْزِلَةِ وَضْعِ الْبَضَائِعِ فِيهِ يَنْتَظِرُ مَنْ يَشْتَرِيهَا، وَعَلَى وَلِيِّ الْأَمْرِ مَنْعٌ مِنْ فِعْلِ ذَلِكَ، كَسَائِرِ الْمُحَرَّمَاتِ.

(وَإِنْ وَقَفَ) صَانِعٌ وَغَيْرُهُ (خَارِجَ بَابِهِ) يَنْتَظِرُ مَنْ يَكْرِيه، (فَلَا بَأْسَ) ، لِعَدَمِ الْمَحْذُورِ.

(قَالَ) (الْإِمَامُ أَحْمَدُ) فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ: (لَا أَرَى لِرَجُلٍ) ، أَيْ:

<<  <  ج: ص:  >  >>