التَّرَاوِيحِ، أَوْ لَيْلَةِ الْمُشْتَهِرَةِ بِالرَّغَائِبِ أَوَّلَ جُمُعَةٍ فِي رَجَبٍ (مِنْ مَالِ وَقْفٍ، ضَمِنَ، لِأَنَّ ذَلِكَ بِدْعَةٌ وَإِضَاعَةُ مَالٍ، لِخُلُوِّهِ عَنْ نَفْعِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَيُؤَدِّي عَادَةً لِكَثْرَةِ لَغَطٍ وَلَهْوٍ وَشُغْلِ قُلُوبِ الْمُصَلِّينَ. قَالَ الْحَارِثِيُّ: تَوَهَّمَ كَوْنَهُ قُرْبَةً بَاطِلٌ لَا أَصْلَ لَهُ فِي الشَّرْعِ)
بَلْ فِي كَلَامِ ابْنِ الْجَوْزِيِّ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مِنْ إدْخَالِ بَعْضِ الْمَجُوسِ عَلَى أَهْلِ الْإِسْلَامِ، قَالَ فِي " شَرْحِ الْإِقْنَاعِ ": قُلْت: وَقَرِيبٌ مِنْ ذَلِكَ إيقَادُ الْمَآذِنِ، لَكِنَّهُ فِي رَمَضَانَ صَارَ بِحَسَبِ الْعَادَةِ عَلَامَةً عَلَى بَقَاءِ اللَّيْلِ.
(وَيُمْنَعُ مَارٌّ مِنْ اسْتِطْرَاقِ حِلَقِ الْفُقَهَاءِ وَالْقُرَّاءِ) ، صِيَانَةً لِحُرْمَتِهَا، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «لَا حِمَى إلَّا فِي ثَلَاثَةٍ: الْبِئْرِ، وَالْفَرَسِ، وَحَلْقَةِ الْقَوْمِ» . فَأَمَّا الْبِئْرُ، فَهُوَ: مُنْتَهَى حَرِيمِهَا، وَأَمَّا طُولُ الْفَرَسِ، فَهُوَ: مَا دَارَ فِيهِ برسنه إذَا كَانَ مَرْبُوطًا، وَأَمَّا حَلْقَةُ الْقَوْمِ، فَهُوَ: اسْتِدَارَتُهُمْ فِي الْجُلُوسِ لِلتَّشَاوُرِ وَالْحَدِيثِ " وَهَذَا الْخَبَرُ إسْنَادُهُ جَيِّدٌ، وَهُوَ مُرْسَلٌ، قَالَهُ فِي شَرْحِ مَنْظُومَةِ الْآدَابِ ".
(وَحَرُمَ أَنْ يُقِيمَ مِنْهُ) ، أَيْ: الْمَسْجِدِ (أَحَدًا) وَلَوْ عَبْدَهُ أَوْ وَلَدَهُ، (وَيَجْلِسَ) مَكَانَهُ، (أَوْ يُجْلِسَ غَيْرَهُ فِيهِ) . لِمَا سَبَقَ (إلَّا لِصَبِيٍّ) ، فَيُؤَخَّرُ عَنْ الْمَكَانِ الْفَاضِلِ، وَتَقَدَّمَ.
(وَمَنْ أَتْلَفَ مَسْجِدًا ضَمِنَهُ إجْمَاعًا، وَيَضْمَنُ بِغَصْبٍ) ، قَالَ فِي " الْآدَابِ الْكُبْرَى ": وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ إنْ اتَّخَذَهُ مَسْكَنًا أَوْ مَخْزَنًا وَنَحْوَ ذَلِكَ، أَنَّهُ يَضْمَنُ أُجْرَتَهُ، كَمَا نَقُولُ فِي الْحُرِّ إذَا اسْتَعْمَلَهُ كُرْهًا.
(وَيَجُوزُ أَنْ يُهْدَمَ مَسْجِدٌ وَيُجَدَّدَ) بِنَاؤُهُ (لِمَصْلَحَةٍ) كَضِيقِهِ بِأَهْلِهِ (نَصًّا) ، وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مَسْجِدٍ لَهُ حَائِطٌ قَصِيرٌ غَيْرُ حَصِينٍ، وَلَهُ مَنَارَةٌ، لَا بَأْسَ أَنْ تُهْدَمَ وَتُجْعَلَ فِي الْحَائِطِ، لِئَلَّا يَدْخُلَهُ الْكِلَابُ.
(وَ) يَجُوزُ (ارْتِفَاقٌ بِحَرِيمِهِ) ، أَيْ: الْمَسْجِدِ، (مَا لَمْ يَضُرَّ بِمُصَلِّينَ) ، قَالَهُ الْقَاضِي، لِأَنَّ الْحَقَّ فِي حَرِيمِهِ لِعَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ، وَلَا يُعْتَبَرُ فِيهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute