عَلَى الْفِعْلِ) ، أَيْ: فِعْلِ الْحَجِّ إذَا اتَّسَعَ الْوَقْتُ، وَأُمِنَتْ الطَّرِيقُ، وَوَجَدَ الدَّلِيلَ أَوْ الْقَائِدُ، (كَمَا نَقُولُ فِي طُرُوءِ حَيْضٍ) بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ، فَإِنَّ الْحَائِضَ تَأْثَمُ إنْ لَمْ تَعْزِمْ عَلَى الْقَضَاءِ إذَا زَالَ، (فَالْعَزْمُ عَلَى الْعِبَادَةِ مَعَ الْعَجْزِ) عَنْهَا (يَقُومُ مَقَامَ الْأَدَاءِ فِي عَدَمِ الْإِثْمِ) حَالَ الْعَجْزِ، لِحَدِيثِ: «إذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ» (فَمَنْ كَمُلَتْ لَهُ الشُّرُوطُ) الْخَمْسَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ، (وَجَبَ عَلَيْهِ السَّعْيُ) لِلْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ (فَوْرًا) نَصًّا (إذَا كَانَ فِي وَقْتِ الْمَسِيرِ) ، فَيَأْثَمُ إنْ أَخَّرَهُ بِلَا عُذْرٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ لِلْفَوْرِ، وَلِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا: «تَعَجَّلُوا إلَى الْحَجِّ - يَعْنِي: الْفَرِيضَةَ - فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَا يَدْرِي مَا يَعْرِضُ لَهُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ.
وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَلَمَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ مَاتَ وَلَمْ يَحُجَّ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ لَمْ يَمْنَعْهُ مَرَضٌ حَابِسٌ أَوْ سُلْطَانٌ جَائِرٌ، أَوْ حَاجَةٌ ظَاهِرَةٌ، فَلْيَمُتْ عَلَى أَيِّ حَالٍ، يَهُودِيًّا أَوْ نَصْرَانِيًّا» رَوَاهُ سَعِيدٌ فِي سُنَنِهِ، وَلِأَنَّ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ فَرْضُ الْعُمْرِ، أَشْبَهَا الْإِيمَانَ، وَأَمَّا تَأْخِيرُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابُهُ، إمَّا لِأَنَّ اللَّهَ أَطْلَعَهُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَمُوتُ حَتَّى يَحُجَّ، فَكَانَ عَلَى يَقِينٍ مِنْ الْإِدْرَاكِ، أَوْ لِخَوْفِهِ عَلَى الْمَدِينَةِ مِنْ الْيَهُودِ وَالْمُنَافِقِينَ، وَمُرَاسَلَتِهِمْ لِلرُّومِ الَّذِينَ كَانُوا جَمَعُوا لَهُ فِي قَرْيَةِ تَبُوكَ، وَهُوَ قَرِيبُ الْعَهْدِ فِي غَزْوِهِمْ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ.
(وَالْعَاجِزُ) عَنْ سَعْيٍ لِحَجٍّ وعُمْرَةٍ (لِكِبَرٍ أَوْ مَرَضٍ لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ) لِنَحْوِ زَمَانَةٍ.
(وَيَتَّجِهُ: وَمِنْهُ) ، أَيْ: الْمَرَضِ الْمَيْئُوسِ مِنْ بُرْئِهِ، الْمُعْجِزِ - مَنْ اُبْتُلِيَ بِهِ - عَنْ فِعْلِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ: (شَبَقٌ) شَدِيدٌ لَا يَسْتَطِيعُ مَعَهُ الصَّبْرَ عَنْ الْجِمَاعِ، (وَجُنُونٌ) مُطْبِقٌ، لِعَدَمِ أَهْلِيَّةِ صَاحِبِهِ لِلنِّيَّةِ، أَوْ غَيْرُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute