وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: «لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ تُسَافِرَ مَسِيرَةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ لَيْسَ مَعَهَا مَحْرَمٌ» ، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَلِمُسْلِمٍ: «ذُو مَحْرَمٍ مِنْهَا»
وَالْخُنْثَى كَالرَّجُلِ، فَلَا يُعْتَبَرُ الْمَحْرَمُ فِي حَقِّهِ.
قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ (وَيُعْتَبَرُ) الْمَحْرَمُ (لَهَا) ، أَيْ: لِلْأُنْثَى (حَيْثُ بَلَغَتْ سَبْعًا) فَأَكْثَرَ (فِي كُلِّ سَفَرٍ) حَجًّا كَانَ أَوْ غَيْرِهِ، طَوِيلًا كَانَ أَوْ قَصِيرًا، (فَلَا يَحِلُّ) لَهَا السَّفَرُ (بِدُونِهِ) ، أَيْ: الْمَحْرَمِ، وَلَا يُعْتَبَرُ الْمَحْرَمُ لِخُرُوجِهَا (بِأَطْرَافِ الْبَلَدِ مَعَ أَمْنٍ) عَلَيْهَا، لِأَنَّهُ لَيْسَ بِسَفَرٍ
(وَهُوَ) ، أَيْ: الْمَحْرَمُ الْمُعْتَبَرُ لِوُجُوبِ النُّسُكِ وَجَوَازِ السَّفَرِ مَعَهُ: (زَوْجٌ) ، وَسُمِّيَ مَحْرَمًا مَعَ حِلِّهَا لَهُ، لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ مِنْ صِيَانَتِهَا وَحِفْظِهَا بِهِ، مَعَ إبَاحَةِ الْخَلْوَةِ بِهَا، (أَوْ سَيِّدٌ) ، لِأَنَّهُ كَالزَّوْجِ (لَا سَيِّدَةٌ) لِأَنَّهَا لَا تَقْوَى عَلَى صِيَانَةِ نَفْسِهَا فَضْلًا عَنْ أَمَتِهَا.
قَالَ فِي " الْفُرُوعِ ": وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ، أَيْ: الْأَصْحَابِ: اعْتِبَارُ الْمَحْرَمِ لِلْكُلِّ، أَيْ: الْأَحْرَارِ وَإِمَائِهِنَّ وَعُتَقَائِهِنَّ، لِعُمُومِ الْأَخْبَارِ، وَعَدَمِ الْمَحْرَمِ لَهُنَّ كَعَدَمِهِ لِلْحُرَّةِ الْأَصْلِ، (خِلَافًا لِلشَّيْخِ) تَقِيِّ الدِّينِ، فَإِنَّهُ قَالَ: وَأَمَّا الْمَرْأَةُ يُسَافِرْنَ مَعَهَا تَبَعًا لَهَا، فَلَا يَفْتَقِرْنَ إلَى مَحْرَمٍ، لِأَنَّهُنَّ لَا مَحْرَمَ لَهُنَّ فِي الْعَادَةِ الْغَالِبَةِ. انْتَهَى.
(وَيَتَّجِهُ) : اعْتِبَارُ الْمَحْرَمِ لِلْمَرْأَةِ مُطْلَقًا، (إلَّا إنْ سَافَرَتْ السَّيِّدَةُ مَعَ مَحْرَمٍ، وَاحْتَاجَتْ إلَيْهَا) ، أَيْ: إلَى أَمَتِهَا، فَلَهَا أَنْ تَصْحَبَهَا مَعَهَا مِنْ غَيْرِ مَحْرَمٍ اكْتِفَاءً بِمَحْرَمِ سَيِّدَتِهَا، وَلَوْ حَمَلَ الْمُصَنِّفُ كَلَامَ الشَّيْخِ عَلَى هَذَا، لَكَانَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ: خِلَافًا لَهُ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ، (أَوْ ذَكَرٌ) مُحَرَّمٌ عَلَيْهَا، فَأُمُّ الْمَرْأَةِ وَبِنْتُهَا لَيْسَتْ مَحْرَمًا لَهَا، وَالْخُنْثَى الْمُشْكِلُ كَذَلِكَ (مُسْلِمٌ) ، فَأَبٌ وَنَحْوُهُ كَافِرٌ لَيْسَ مَحْرَمًا لِمُسْلِمَةٍ نَصًّا، لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ عَلَيْهَا كَالْحَضَانَةِ، وَكَالْمَجُوسِيِّ لِاعْتِقَادِهِ حِلَّهَا، (مُكَلَّفٌ) ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute