قَالَ: «رَأَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَالَ وَتَوَضَّأَ، ثُمَّ مَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ» قَالَ إبْرَاهِيمُ النَّخَعِيّ: فَكَانَ يُعْجِبُهُمْ، لِأَنَّ إسْلَامَ جَرِيرٍ بَعْدَ نُزُولِ الْمَائِدَةِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
قَالَ الْأَبِيُّ: كَانَ إسْلَامُ جَرِيرٍ قَبْلَ مَوْتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِيَسِيرٍ، وَقَالَ غَيْرُهُ: بِأَرْبَعِينَ لَيْلَةً، وَاحْتِمَالُ تَحَمُّلِهِ حَالَ كُفْرِهِ وَإِنْ جَازَ بَعِيدٌ جِدًّا.
(وَ) يَصِحُّ الْمَسْحُ (عَلَى جُرْمُوقٍ وَهُوَ: خُفٌّ قَصِيرٌ) ، وَيُسَمَّى أَيْضًا: الْمُوقُ، لِحَدِيثِ بِلَالٍ «رَأَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَمْسَحُ عَلَى الْمُوقَيْنِ وَالْخِمَارِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ. وَالْخِمَارُ هُنَا: الْعِمَامَةُ، لِأَنَّهَا تُخَمِّرُ الرَّأْسَ، وَلِأَبِي دَاوُد «كَانَ يَخْرُجُ يَقْضِي حَاجَتَهُ، فَآتِيهِ بِالْمَاءِ فَيَتَوَضَّأُ وَيَمْسَحُ عَلَى عِمَامَتِهِ وَمُوقَيْهِ» وَلِسَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ فِي سُنَنِهِ عَنْ بِلَالٍ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «امْسَحُوا عَلَى النَّصِيفِ وَالْمُوقِ» قَالَ فِي الصِّحَاحِ ": النَّصِيفُ: الْخِمَارُ.
(وَ) يَصِحُّ الْمَسْحُ أَيْضًا (عَلَى جَوْرَبٍ صَفِيقٍ) - أَيْ: رَقِيقٍ - (مِنْ صُوفٍ أَوْ غَيْرِهِ) ، كَقُطْنٍ وَوَبَرِ نَعْلٍ أَوْ لَا، لِحَدِيثِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ " أَنَّ «النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَسَحَ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ وَالنَّعْلَيْنِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: هَذَا حَسَنٌ صَحِيحٌ. وَبِذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمَا كَانَا غَيْرَ مَنْعُولَيْنِ، لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَذْكُرْ النَّعْلَيْنِ، إذْ لَا يُقَالُ: عَنْ تِسْعَةٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: عَلِيٌّ وَعَمَّارٌ وَابْنُ مَسْعُودٍ وَأَنَسٌ وَابْنُ عُمَرَ وَالْبَرَاءُ وَبِلَالٌ وَابْنُ أَبِي أَوْفَى وَسَهْلُ بْنُ سَعْدٍ. انْتَهَى وَلَمْ يُعْرَفْ لَهُمْ مُخَالِفٌ فِي عَصْرِهِمْ، وَلِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْخُفِّ، إذْ هُوَ مَلْبُوسٌ سَاتِرٌ لِمَحَلِّ الْفَرْضِ يُمْكِنُ مُتَابَعَةُ الْمَشْيِ فِيهِ، أَشْبَهَ الْخُفَّ، (حَتَّى لِزَمِنٍ) لَا يُمْكِنُهُ الْمَشْيُ لِعَاهَةٍ، (وَذِي سَلَسٍ) ، فَيَجُوزُ لَهُ الْمَسْحُ عَلَى هَذِهِ الْحَوَائِلِ كَالسَّلِيمِ.
(وَ) يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَى نَحْوِ خُفٍّ (بِرِجْلٍ قُطِعَتْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute