فَيَلْبَسَ سَرَاوِيلَ أَوْ) لَا يَجِدَ (نَعْلَيْنِ فَيَلْبَسَ نَحْوَ خُفَّيْنِ كَرَانٍ) ، وسرموزة؛ لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا: «سُئِلَ مَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ؟ فَقَالَ: لَا يَلْبَسُ الْقَمِيصَ وَلَا الْعِمَامَةَ وَلَا الْبُرْنُسَ وَلَا السَّرَاوِيلَ وَلَا ثَوْبًا مَسَّهُ زَعْفَرَانٌ وَلَا الْخُفَّيْنِ، إلَّا أَنْ لَا يَجِدَ نَعْلَيْنِ فَلْيَقْطَعْهُمَا حَتَّى يَكُونَا أَسْفَلَ مِنْ الْكَعْبَيْنِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَلَا فَرْقَ بَيْنَ قَلِيلِ اللُّبْسِ وَغَيْرِهِ قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ: وَلَوْ غَيْرَ مُعْتَادٍ كَجَوْرَبٍ فِي كَفٍّ، وَخُفٍّ فِي رَأْسٍ.
(وَحَرُمَ قَطْعُهُمَا) ، أَيْ: الْخُفَّيْنِ؛ لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ: " سَمِعْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَخْطُبُ بِعَرَفَاتٍ، يَقُولُ: «مَنْ لَمْ يَجِدْ نَعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسْ الْخُفَّيْنِ، وَمَنْ لَمْ يَجِدْ إزَارًا فَلْيَلْبَسْ السَّرَاوِيلَ لِلْمُحْرِمِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، رَوَاهُ الْأَثْبَاتُ، وَلَيْسَ فِيهِ بِعَرَفَاتٍ وَلَمْ يَذْكُرْهَا إلَّا شُعْبَةُ، وَتَابَعَهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عُمَرَ وَلِمُسْلِمٍ عَنْ جَابِرٍ مَرْفُوعًا مِثْلُهُ، وَلَيْسَ فِيهِ " يَخْطُبُ بِعَرَفَاتٍ " وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الْحَدِيثَيْنِ قَطْعَ الْخُفَّيْنِ، قَالَ عَلِيٌّ: قَطْعُ الْخُفَّيْنِ فَسَادٌ، وَلِأَنَّ قَطْعَهُمَا لَا يُخْرِجُهُمَا عَنْ حَالَةِ الْحَظْرِ؛ إذْ لُبْسُ الْمَقْطُوعِ كَلُبْسِ الصَّحِيحِ مَعَ الْقُدْرَةِ، وَفِيهِ إتْلَافُ مَالِيَّةِ الْخُفِّ، وَأُجِيبَ عَنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ بِأَنَّ زِيَادَةَ الْقَطْعِ اُخْتُلِفَ فِيهَا، فَإِنْ صَحَّتْ فَهِيَ بِالْمَدِينَةِ؛ لِرِوَايَةِ أَحْمَدَ عَنْهُ: " سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ عَلَى هَذَا الْمِنْبَرِ. فَذَكَرَهُ، وَخَبَرَ ابْنِ عَبَّاسٍ بِعَرَفَاتٍ، فَلَوْ كَانَ الْقَطْعُ وَاجِبًا لَبَيَّنَهُ لِلْجَمْعِ الْعَظِيمِ الَّذِي لَمْ يَحْضُرْ أَكْثَرُهُمْ ذَلِكَ بِالْمَدِينَةِ، وَقَوْلُ الْمُخَالِفِ -: الْمُطْلَقُ يَقْضِي عَلَى الْمُقَيَّدِ - مَحِلُّهُ: إذَا لَمْ يَكُنْ تَأْوِيلُهُ، وَعَنْ قَوْلِهِ: حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ فِيهِ زِيَادَةُ لَفْظٍ بِأَنَّ خَبَرَ ابْنِ عَبَّاسٍ وَجَابِرٍ فِيهِمَا زِيَادَةُ حُكْمٍ هُوَ جَوَازُ اللُّبْسِ بِلَا قَطْعٍ، وَهُوَ أَوْلَى مِنْ دَعْوَى النَّسْخِ، وَبِهَذَا يُجَابُ عَنْ قَوْلِ الْخَطَّابِيِّ: الْعَجَبُ مِنْ أَحْمَدَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute