للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلَّا أَكَلَ جَمِيعَ وَرَقِهَا. لِأَنَّ الْعَرَبَ تُسَمِّيهَا حَمَامًا، وَقَالَ الْكِسَائِيُّ: كُلُّ مُطَوَّقٌ حَمَامٌ، فَدَخَلَ فِيهِ الْحَجَلُ، لِأَنَّهُ مُطَوَّقٌ.

(الثَّانِي: مَا لَمْ تَقْضِ فِيهِ) الصَّحَابَةُ، وَلَهُ مِثْلٌ مِنْ النَّعَمِ، (فَيُرْجَعُ فِيهِ لِقَوْلِ عَدْلَيْنِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} [المائدة: ٩٥] ، (خَبِيرَيْنِ) ، لِأَنَّهُ لَا يُتَمَكَّنُ مِنْ الْحُكْمِ بِالْمِثْلِ إلَّا بِهِمَا، فَيَعْتَبِرَانِ الشَّبَهَ خِلْقَةً لَا قِيمَةً، كَفِعْلِ الصَّحَابَةِ، وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُمَا أَوْ أَحَدُهُمَا فَقِيهًا، لِظَاهِرِ الْآيَةِ، (وَيَجُوزُ كَوْنُ الْقَاتِلِ أَحَدَهُمَا) ، أَيْ الْعَدْلَيْنِ، (أَوْ هُمَا) ، فَيَحْكُمَانِ عَلَى أَنْفُسِهِمَا بِالْمِثْلِ، لِعُمُومِ الْآيَةِ، وَلِأَنَّ عُمَرَ أَمَرَ كَعْبَ الْأَحْبَارِ أَنْ يَحْكُمَ عَلَى نَفْسِهِ بِالْجَرَادَتَيْنِ اللَّتَيْنِ صَادَهُمَا وَهُوَ مُحْرِمٌ، وَأَمَرَ أَيْضًا، أَرْبَدَ بِذَلِكَ، حِينَ وَطِئَ الضَّبَّ، فَحَكَمَ عَلَى نَفْسِهِ بِجَدْيٍ، فَأَقَرَّهُ، وَكَتَقْوِيمِهِ عَرْضَ التِّجَارَةِ لِإِخْرَاجِ زَكَاتِهِ، وَحَمَلَهُ (ابْنُ عَقِيلٍ) عَلَى مَا إذَا قَتَلَهُ (خَطَأً، أَوْ) قَتَلَهُ (لِحَاجَةِ) أَكْلِهِ، لِأَنَّهُ قَتْلٌ مُبَاحٌ يَجِبُ فِيهِ الْجَزَاءُ، (أَوْ) قَتَلَهُ (جَاهِلًا تَحْرِيمَهُ) ، لِعَدَمِ فِسْقِهِ، قَالَ (الْمُنَقِّحُ: وَهُوَ قَوِيٌّ، وَلَعَلَّهُ مُرَادُهُمْ) ، أَيْ: الْأَصْحَابِ، (لِأَنَّ قَتْلَ الْعَمْدِ يُنَافِي الْعَدَالَةَ) إنْ لَمْ يَتُبْ، وَهُوَ شَرْطُ الْحُكْمِ.

(وَيَتَّجِهُ: عَدَمُ) اعْتِبَارِ (هَذَا) ، أَيْ: مَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ، (وَإِنَّمَا الْمُعْتَبَرُ مِنْ الْعَدَالَةِ حَالَ الْحُكْمِ) ، لَا حَالَ الْقَتْلِ، إذْ لَا رَيْبَ فِي الْفِسْقِ حِينَئِذٍ، (فَلَوْ تَابَا) ، أَيْ: الْحَاكِمَانِ، بَعْدَ أَنْ قَتَلَا صَيْدًا، عَامِدَيْنِ، عَالِمَيْنِ تَحْرِيمَ قَتْلِهِ (قَبْلَهُ) ، أَيْ: تَابَا قَبْلَ الْحُكْمِ بِهِ (قُبِلَ) حُكْمُهُمَا بِهِ، (كَالشَّهَادَةِ) إذَا تَحَمَّلَهَا وَهُوَ فَاسِقٌ، ثُمَّ تَابَ وَأَدَّاهَا؛ فَلَا رَيْبَ فِي قَبُولِهَا، وَهُوَ مُتَّجِهٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>