الذَّرِيعَةِ ": اتَّفَقَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الْأَرْضَ أَفْضَلُ مِنْ السَّمَاءِ بِمَوَاطِئِ أَقْدَامِهِ الشَّرِيفَةِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلِأَنَّ الْأَنْبِيَاءَ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، خُلِقُوا مِنْهَا، وَلِأَنَّ السَّمَاوَاتِ تُطْوَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ، وَأَمَّا الْأَرْضُ؛ فَإِنَّهَا تَصِيرُ خُبْزَةً يَأْكُلُهَا أَهْلُ الْمَحْشَرِ مَعَ زِيَادَةِ كَبِدِ الْحُوتِ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ (وَتُضَاعَفُ الْحَسَنَةُ وَالسَّيِّئَةُ بِمَكَانٍ) فَاضِلٍ كَمَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَبَيْتِ الْمَقْدِسِ وَفِي الْمَسَاجِدِ، (وَبِزَمَانٍ فَاضِلٍ) كَيَوْمِ الْجُمُعَةِ، وَالْأَشْهُرِ الْحُرُمِ وَرَمَضَانَ.
أَمَّا مُضَاعَفَةُ الْحَسَنَةِ؛ فَهَذَا مِمَّا لَا خِلَافَ فِيهِ، وَأَمَّا مُضَاعَفَةُ السَّيِّئَةِ؛ فَقَالَ بِهَا جَمَاعَةٌ تَبَعًا لِابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ مَسْعُودٍ، ذَكَرَهُ: الْقَاضِي وَغَيْرُهُ، وَابْنُ الْجَوْزِيِّ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ: (وَوَقَعَ خُلْفٌ) بَيْنَ الْعُلَمَاءِ (فِي كَوْنِ السَّيِّئَةِ تُضَاعَفُ) كَمَا تُضَاعَفُ (الْحَسَنَةُ) ، فَقَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ، وَقَدْ سُئِلَ: هَلْ تُكْتَبُ السَّيِّئَةُ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ؟ قَالَ: لَا إلَّا بِمَكَّةَ، لِتَعْظِيمِ الْبَلَدِ، وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا بِعَدَنَ، وَهَمَّ أَنْ يَقْتُلَ عِنْدَ الْبَيْتِ؛ أَذَاقَهُ اللَّهُ مِنْ الْعَذَابِ الْأَلِيمِ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ إنَّ السَّيِّئَةَ تُضَاعَفُ بِمَكَّةَ كَمَا تُضَاعَفُ الْحَسَنَةُ، فَظَاهِرُ كَلَامِهِ: أَنَّ السَّيِّئَةَ تَبْلُغُ فِي التَّضْعِيفِ مَبْلَغَ الْحَسَنَةِ، وَهُوَ: مِائَةُ أَلْفٍ، وَيَدُلُّ.
لِذَلِكَ: مَا رَوَاهُ فِي شَرْحِ الْمُخْتَارِ "، أَنَّ فِي الْحَدِيثِ: «أَنَّ الْحَسَنَةَ تُضَاعَفُ فِيهَا إلَى مِائَةِ أَلْفٍ، وَأَنَّ السَّيِّئَةَ كَذَلِكَ» (وَالْأَظْهَرُ) : أَنَّ السَّيِّئَةَ (لَا) تُضَاعَفُ كَالْحَسَنَةِ، (بَلْ) تُضَاعَفُ (فِي الْجُمْلَةِ) إذْ التَّشْبِيهُ فِي قَوْلِ مُجَاهِدٍ فِي مُطْلَقِ الْمُضَاعَفَةِ، وَأَيْضًا: فَقَوَاعِدُ الشَّرِيعَةِ فِي بَابِ الْمُضَاعَفَةِ الْمُحَقَّقَةِ مُقْتَضِيَةٌ أَنَّ السَّيِّئَةَ عُشْرُ الْحَسَنَةِ، فَإِذَا كَانَتْ الْحَسَنَةُ بِمِائَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute