للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَقِفَ مُقَابِلَ الْحَجَرِ حَتَّى يَكُونَ مُبْصِرًا لِضِلْعَيْ الْبَيْتِ الَّذِي عَنْ أَيْمَنِ الْحَجَرِ وَأَيْسَرِهِ، وَهَذَا احْتِرَازٌ مِنْ أَنْ يَقِفَ فِي ضِلْعِ الْبَابِ وَيَسْتَلِمَهُ مِنْهُ فَلَا يَكُونُ مُحَاذِيًا لَهُ بِبَدَنِهِ كُلِّهِ، فَمَتَى رَأَى الضِّلْعَ الْآخَرَ فَقَدْ حَاذَاهُ بِكُلِّ بَدَنِهِ (وَيَسْتَلِمَهُ) ، أَيْ: يَمْسَحُ الْحَجَرَ (بِيَدِهِ الْيُمْنَى) ، لِقَوْلِ جَابِرٍ «إنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا قَدِمَ مَكَّةَ أَتَى الْحَجَرَ، فَاسْتَلَمَهُ.» . الْحَدِيثَ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

وَالِاسْتِلَامُ: مِنْ السَّلَامِ، وَهُوَ: التَّحِيَّةُ، وَأَهْلُ الْيَمَنِ يُسَمُّونَ الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ: الْمُحَيَّا، لِأَنَّ النَّاسَ يُحَيُّونَهُ بِالِاسْتِلَامِ، وَقَدْ ثَبَتَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّهُ نَزَلَ مِنْ الْجَنَّةِ أَشَدَّ بَيَاضًا مِنْ اللَّبَنِ، فَسَوَّدَتْهُ خَطَايَا بَنِي آدَمَ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ.

وَعَنْ عَلِيٍّ قَالَ: " لَمَّا أَخَذَ اللَّهُ، عَزَّ وَجَلَّ، الْمِيثَاقَ عَلَى الذُّرِّيَّةِ، كَتَبَ كِتَابًا فَأَلْقَمَهُ الْحَجَرَ، فَهُوَ يَشْهَدُ لِلْمُؤْمِنِ بِالْوَفَاءِ وَعَلَى الْكَافِرِ بِالْجُحُودِ ".

(وَيُقَبِّلُهُ بِلَا صَوْتٍ يَظْهَرُ لِلْقُبْلَةِ) ، لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْتَقْبَلَ الْحَجَرَ، وَوَضَعَ شَفَتَيْهِ عَلَيْهِ يَبْكِي طَوِيلًا، ثُمَّ الْتَفَتَ، فَإِذَا هُوَ بِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ يَبْكِي، فَقَالَ: يَا عُمَرُ، هَهُنَا تُسْكَبُ الْعَبَرَاتُ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ.

(وَيَسْجُدُ) ، أَيْ: يُمَرِّغُ الرَّجُلُ وَجْهَهُ (عَلَيْهِ) ، فَعَلَهُ ابْنُ عُمَرَ وابْنُ عَبَّاسٍ، (فَإِنْ شَقَّ) اسْتِلَامُهُ وَتَقْبِيلُهُ لِنَحْوِ زِحَامٍ، (لَمْ يُزَاحِمْ، وَاسْتَلَمَهُ بِيَدِهِ وَقَبَّلَهَا) ، رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَجَابِرٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي سَعِيدٍ، لِمَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْتَلَمَهُ وَقَبَّلَ يَدَهُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

(فَإِنْ شَقَّ) اسْتِلَامُهُ بِيَدِهِ، (فَ) إنَّهُ يَسْتَلِمُهُ (بِشَيْءٍ، وَيُقَبِّلُهُ) ، أَيْ: مَا اسْتَلَمَهُ بِهِ، رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَوْقُوفًا، (فَإِنْ شَقَّ) عَلَيْهِ اسْتِلَامُهُ أَيْضًا بِشَيْءٍ، (أَشَارَ إلَيْهِ بِيَدِهِ أَوْ بِشَيْءٍ) ، لِحَدِيثِ الْبُخَارِيِّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «طَافَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى بَعِيرٍ، فَلَمَّا أَتَى الْحَجَرَ، أَشَارَ إلَيْهِ بِشَيْءٍ فِي يَدِهِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>