أَنَّهُ كَانَ إذَا سَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، قَالَ (رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ، وَاعْفُ عَمَّا تَعْلَمُ، وَأَنْتَ الْأَعَزُّ الْأَكْرَمُ) ، وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّمَا جُعِلَ رَمْيُ الْجِمَارِ، وَالسَّعْيُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، لِإِقَامَةِ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى» قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.
(وَلَا يُسَنُّ سَعْيٌ مَا بَيْنَهُمَا) ، أَيْ: الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، (إلَّا فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ) فَهُوَ رُكْنٌ فِيهِمَا كَمَا يَأْتِي، بِخِلَافِ الطَّوَافِ، فَإِنَّهُ مَسْنُونٌ كُلَّ وَقْتٍ، (وَالْمَرْأَةُ لَا تَرْقَى) الصَّفَا، وَلَا الْمَرْوَةَ، لِأَنَّهَا عَوْرَةٌ، (وَلَا تَسْعَى) سَعْيًا (شَدِيدًا) ، لِأَنَّهُ لِإِظْهَارِ الْجَلَدِ، وَلَا يُقْصَدُ ذَلِكَ فِي حَقِّهَا، بَلْ الْمَقْصُودُ مِنْهَا السِّتْرُ، وَذَلِكَ تَعْرِيضٌ لِلِانْكِشَافِ.
(وَتُسَنُّ مُبَادَرَةُ مُعْتَمِرٍ بِطَوَافٍ وَسَعْيٍ) لِفِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، (وَ) يُسَنُّ (تَقْصِيرُ مُتَمَتِّعٍ لَا هَدْيَ مَعَهُ، لِيَحْلِقَ) شَعْرَهُ (لِلْحَجِّ، وَيَتَحَلَّلُ مُتَمَتِّعٌ) - لِأَنَّ عُمْرَتَهُ تَمَّتْ بِالطَّوَافِ وَالسَّعْيِ وَالتَّقْصِيرِ - (لَمْ يَسْقِ هَدْيًا، وَلَوْ لَبَّدَ رَأْسَهُ) ، لِحَدِيثِ ابْن عُمَرَ: «تَمَتَّعَ النَّاسُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْعُمْرَةِ إلَى الْحَجِّ، فَلَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَكَّةَ، قَالَ: مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ، فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ مِنْ شَيْءٍ أَحْرَمَ مِنْهُ حَتَّى يَقْضِيَ حَجَّهُ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ، فَلْيَطُفْ بِالْبَيْتِ، وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَلْيُقَصِّرْ وَلْيَحِلَّ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَمَنْ مَعَهُ هَدْيٌ، أَدْخَلَ الْحَجَّ عَلَى الْعُمْرَةِ، ثُمَّ لَا يَحِلُّ مِنْهُمَا جَمِيعًا نَصًّا.
(وَمُعْتَمِرٌ) غَيْرُ مُتَمَتِّعٍ، يَحِلُّ (مُطْلَقًا) ، سَوَاءٌ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ أَوْ لَا، فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ أَوْ غَيْرِهَا، وَإِنْ تَرَكَ الْحَلْقَ أَوْ التَّقْصِيرَ فِي عُمْرَتِهِ، وَوَطِئَ قَبْلَهُ، فَعَلَيْهِ دَمٌ، وَعُمْرَتُهُ صَحِيحَةٌ، رُوِيَ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ سُئِلَ عَنْ امْرَأَةٍ مُعْتَمِرَةٍ وَقَعَ بِهَا زَوْجُهَا قَبْلَ أَنْ تُقَصِّرَ، قَالَ: " مَنْ تَرَكَ مِنْ مَنَاسِكِهِ شَيْئًا، أَوْ نَسِيَهُ، فَلْيُهْرِقْ دَمًا، قِيلَ: فَإِنَّهَا مُوسِرَةٌ، قَالَ: فَلْتَنْحَرْ نَاقَةً " (وَلَا يُسَنُّ تَأْخِيرُ تَحَلُّلٍ) ، لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، وَتَقَدَّمَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute