بِالْمُزْدَلِفَةِ حِينَ خَرَجَ إلَى الصَّلَاةِ، فَقُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ: إنِّي جِئْت مِنْ جَبَلَيْ طَيِّئٍ، أَكْلَلْت رَاحِلَتِي، وَأَتْعَبْت نَفْسِي، وَاَللَّهِ مَا تَرَكْت مِنْ جَبَلٍ إلَّا وَقَفْت عَلَيْهِ، فَهَلْ لِي مِنْ حَجٍّ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: مَنْ شَهِدَ صَلَاتَنَا هَذِهِ، وَوَقَفَ مَعَنَا حَتَّى نَدْفَعَ، وَقَدْ وَقَفَ قَبْلَ ذَلِكَ بِعَرَفَةَ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا، فَقَدْ تَمَّ حَجُّهُ، وَقَضَى تَفَثَهُ» رَوَاهُ الْخَمْسَةُ، وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَلَفْظُهُ لَهُ، وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ، وَقَالَ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ كَافَّةِ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ. وَلِأَنَّ مَا قَبْلَ الزَّوَالِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ، فَكَانَ وَقْتًا لِلْوُقُوفِ كَمَا بَعْدَ الزَّوَالِ، وَتَرْكُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - الْوُقُوفَ فِيهِ لَا يَمْنَعُ كَوْنَهُ وَقْتًا لِلْوُقُوفِ، كَمَا بَعْدَ الْعِشَاءِ. وَإِنَّمَا وَقَفَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقْتَ الْفَضِيلَةِ. (فَمَنْ حَصَلَ فِيهِ) أَيْ: فِي وَقْتِ الْوُقُوفِ، (لَا مَعَ سُكْرٍ أَوْ إغْمَاءٍ) مَا لَمْ يُفِقْ بِهَا.
(وَيَتَّجِهُ: أَوْ جُنُونٍ) وَهُوَ مُتَّجِهٌ، مُصَرَّحٌ بِهِ فِي مَتْنِ الْإِقْنَاعِ " وَغَيْرِهِ (بِعَرَفَةَ) وَلَوْ (لَحْظَةً) مُخْتَارًا، (وَهُوَ) أَيْ: الْحَاصِلُ بِعَرَفَةَ لَحْظَةً (أَهَلَّ) لِلْحَجِّ، بِأَنْ كَانَ مُحْرِمًا بِهِ مُسْلِمًا عَاقِلًا، (وَلَوْ مَارًّا) بِعَرَفَةَ رَاكِبًا أَوْ رَاجِلًا، (أَوْ) مَرَّ بِهَا (نَائِمًا أَوْ جَاهِلًا أَنَّهَا عَرَفَةُ، صَحَّ حَجُّهُ) لِلْخَبَرِ، وَأَجْزَأَهُ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ إنْ كَانَ حُرًّا بَالِغًا، وَإِلَّا، فَنَفْلٌ (وَيَأْتِي) قُبَيْلَ بَابِ الْهَدْيِ وَالْأَضَاحِيّ، (وَلَوْ أَخْطَئُوا الْوُقُوفَ) مُفَصَّلًا، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَقِفَ طَاهِرًا مِنْ الْحَدَثَيْنِ، وَمِنْ نَجَاسَةٍ بِبَدَنِهِ وَثَوْبِهِ، كَسَائِرِ الْمَنَاسِكِ.
(وَيَصِحُّ وُقُوفُ حَائِضٍ إجْمَاعًا كَعَائِشَةَ) الصِّدِّيقَةِ بِنْتِ الصِّدِّيقِ (- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -) وَعَنْ أَبِيهَا، وَعَنْ بَقِيَّةِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، فَإِنَّهَا وَقَفَتْ حَائِضًا بِأَمْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
(وَمَنْ وَقَفَ) بِعَرَفَةَ (نَهَارًا، وَدَفَعَ قَبْلَ الْغُرُوبِ، وَلَمْ يَعُدْ) بَعْدَ الْغُرُوبِ مِنْ لَيْلَةِ النَّحْرِ إلَى عَرَفَةَ (أَوْ عَادَ) إلَيْهَا (قَبْلَهُ) أَيْ: الْغُرُوبِ (وَلَمْ يَقَعْ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute