للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَذْهَبِ، إذْ طَوَافُ الْوَدَاعِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ خَارِجٍ مِنْ مَكَّةَ حَاجًّا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ لِلْخَبَرِ، قَالَ أَرَادَ الْمُقَامَ بِمَكَّةَ فَلَا وَدَاعَ عَلَيْهِ سَوَاءٌ نَوَى الْإِقَامَةَ قَبْلَ النَّفْرِ أَوْ بَعْدَهُ (إذَا فَرَغَ مِنْ جَمِيعِ أُمُورِهِ) لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «أُمِرَ النَّاسُ أَنْ يَكُونَ آخِرَ عَهْدِهِمْ بِالْبَيْتِ إلَّا أَنَّهُ خُفِّفَ عَنْ الْمَرْأَةِ الْحَائِضِ» ، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَيُسَمَّى طَوَافَ الْوَدَاعِ، لِأَنَّهُ لِتَوْدِيعِ الْبَيْتِ، وَطَوَافَ الصَّدَرِ لِأَنَّهُ عِنْدَ صُدُورِ النَّاسِ مِنْ مَكَّةَ.

(وَسُنَّ بَعْدَهُ) أَيْ: طَوَافِ الْوَدَاعِ (تَقْبِيلُ الْحَجَرِ) الْأَسْوَدِ (وَرَكْعَتَانِ) كَغَيْرِهِ (فَإِنْ وَدَّعَ ثُمَّ اشْتَغَلَ بِ) شَيْءٍ (غَيْرِ شَدِّ رَحْلِهِ) نَصًّا (وَنَحْوِهِ) كَقَضَاءِ حَاجَةٍ فِي طَرِيقِهِ أَوْ شِرَاءِ زَادٍ أَوْ شَيْءٍ لِنَفْسِهِ (أَوْ أَقَامَ، أَعَادَهُ) أَيْ: طَوَافَ الْوَدَاعِ (وُجُوبًا) لِأَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ عِنْدَ خُرُوجِهِ لِيَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِ بِالْبَيْتِ، وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَضُرُّهُ نَحْوُ شَدِّ رَحْلٍ.

(وَمَنْ أَخَّرَ طَوَافَ الزِّيَارَةِ وَنَصُّهُ، أَوْ الْقُدُومِ، فَطَافَهُ عِنْدَ الْخُرُوجِ، أَجْزَأَهُ كُلٌّ مِنْهُمَا عَنْ طَوَافِ الْوَدَاعِ) لِأَنَّ الْمَأْمُورَ أَنْ يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِ بِالْبَيْتِ، وَقَدْ فَعَلَ، وَلِأَنَّهُمَا عِبَادَتَانِ مِنْ جِنْسٍ، فَأَجْزَأَتْ إحْدَاهُمَا عَنْ الْأُخْرَى كَغُسْلِ الْجَنَابَةِ عَنْ غُسْلِ الْجُمُعَةِ، وَعَكْسِهِ، وَإِنْ نَوَى بِطَوَافِ الْوَدَاعِ، لَمْ يُجْزِئْهُ عَنْ الزِّيَارَةِ، لِأَنَّهُ لَمْ يَنْوِهِ، وَفِي الْحَدِيثِ: «وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى» .

(وَيَتَّجِهُ مِنْ تَعْلِيلِهِ) هُنَا أَنَّهُ يُجْزِئُهُ أَحَدُ هَذَيْنِ الطَّوَافَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ عَنْ طَوَافِ الْوَدَاعِ: (وَلَوْ لَمْ يَنْوِهِ) أَيْ: الْوَدَاعَ بِطَوَافٍ، لِأَنَّ الْمَأْمُورَ بِهِ أَنْ يَكُونَ آخِرَ عَهْدِهِ بِالْبَيْتِ، وَقَدْ فَعَلَ، وَلِأَنَّ مَا شَرَعَ مِثْلَ تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ يُجْزِئُ عَنْهُ الْوَاجِبُ مِنْ جِنْسِهِ، كَدُخُولِ تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>