للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَنْهُ لَا يُهْدِي مِنْهَا، وَلَا يَتَصَدَّقُ بِشَيْءٍ، لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ التَّبَرُّعِ مِنْ مَالِهِ (وَيُوَفِّرُهَا لَهُ) وَكَذَا مُكَاتَبٌ ضَحَّى بِإِذْنِ سَيِّدِهِ لِمَا ذُكِرَ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ إذْنِ سَيِّدِهِ فِي التَّضْحِيَةِ إذْنُهُ فِي التَّبَرُّعِ، (وَيَلْزَمُ غَيْرَهُمَا) أَيْ: الْيَتِيمِ وَالْمُكَاتَبِ (تَصَدُّقٌ بِأَقَلَّ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ لَحْمٍ) قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: وَهُوَ الْأُوقِيَّةُ (لِوُجُوبِ صَدَقَةٍ بِبَعْضِهَا) فَإِنْ أَكَلَهَا كُلَّهَا ضَمِنَ قَدْرَ أُوقِيَّةٍ، لِأَنَّ مَا أُبِيحَ لَهُ أَكْلُهُ لَا تَلْزَمُهُ غَرَامَتُهُ، وَيَلْزَمُ غُرْمُ مَا وَجَبَتْ الصَّدَقَةُ بِهِ، لِأَنَّهُ حَقٌّ يَجِبُ عَلَيْهِ أَدَاؤُهُ مَعَ بَقَائِهِ، فَلَزِمَتْهُ غَرَامَتُهُ إذَا أَتْلَفَهُ كَالْوَدِيعَةِ (وَيُعْتَبَرُ تَمْلِيكُ فَقِيرٍ لَحْمًا نِيئًا فَلَا يَكْفِي إطْعَامُهُ) كَالْوَاجِبِ فِي كَفَّارَةٍ.

(وَنُسِخَ تَحْرِيمُ ادِّخَارِ لُحُومِ الْأَضَاحِيِّ فَوْقَ ثَلَاثٍ) فَيَدَّخِرُ مَا شَاءَ، لِحَدِيثِ مُسْلِمٍ: «كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ ادِّخَارِ لُحُومِ الْأَضَاحِيِّ فَوْقَ ثَلَاثٍ، فَأَمْسِكُوا مَا بَدَا لَكُمْ» وَحَدِيثِ عَائِشَةَ: «إنَّمَا نَهَيْتُكُمْ لِلدَّافَّةِ الَّتِي دَفَّتْ، فَكُلُوا وَتَزَوَّدُوا وَتَصَدَّقُوا وَادَّخِرُوا» وَلَمْ يُجِزْ ذَلِكَ عَلِيٌّ وَابْنُ عُمَرَ، لِأَنَّهُمَا لَمْ تَبْلُغْهُمَا الرُّخْصَةُ، قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: إلَّا زَمَنَ مَجَاعَةٍ، لِأَنَّهُ سَبَبُ تَحْرِيمِ الِادِّخَارِ. وَالدَّافَّةُ: قَوْمٌ مِنْ الْأَعْرَابِ يَرِدُونَ الْمِصْرَ لِيَتَوَسَّعُوا بِلُحُومِ الْأَضَاحِيِّ. (وَكَانَ مِنْ شِعَارِ الصَّالِحِينَ تَنَاوُلُ لُقْمَةٍ مِنْ نَحْوِ كَبِدِهَا) ، أَيْ: الْأُضْحِيَّةِ (تَبَرُّكًا) وَخُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَ الْأَكْلَ (وَلَهُ إعْطَاءُ الْجَازِرِ مِنْهَا هَدِيَّةً وَصَدَقَةً) لِمَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: «أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ أَقُومَ عَلَى بُدْنِهِ، وَأَنْ أُقْسِمَ جُلُودَهَا وَجِلَالَهَا، وَأَنْ لَا أُعْطِيَ الْجَزَّارَ مِنْهَا شَيْئًا، وَقَالَ: نَحْنُ نُعْطِيهِ مِنْ عِنْدِنَا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَلِمَفْهُومِ حَدِيثِ: «لَا تُعْطِ فِي جِزَارَتِهَا شَيْئًا مِنْهَا» قَالَ أَحْمَدُ: إسْنَادٌ جَيِّدٌ. وَلِأَنَّهُ فِي ذَلِكَ كَغَيْرِهِ بَلْ أُولَى، لِأَنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>