نَسَخَهَا قَوْله تَعَالَى: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً} [التوبة: ١٢٢] رَوَاهُ الْأَثْرَمُ وَأَبُو دَاوُد. وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ حِينَ اسْتَنْفَرَهُمْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى غَزْوَةِ تَبُوكَ، وَحِينَئِذٍ يَتَعَيَّنُ كَمَا يَأْتِي وَلِذَلِكَ هَجَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ وَأَصْحَابَهُ، لَمَّا تَخَلَّفُوا حَتَّى تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ (وَهُوَ) أَيْ: فَرْضُ الْكِفَايَةِ: (مَا قُصِدَ حُصُولُهُ مِنْ غَيْرِ شَخْصٍ مُعَيَّنٍ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ إلَّا وَاحِدٌ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ) كَرَدِّ السَّلَامِ وَالصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ، فَمِنْ ذَلِكَ دَفْعُ ضَرَرِ الْمُسْلِمِينَ (كَسَتْرِ عَارٍ وَإِشْبَاعِ جَائِعٍ) وَفَكِّ أَسْرٍ عَلَى قَادِرٍ (مَعَ تَعَذُّرِ بَيْتِ الْمَالِ) عَنْ ذَلِكَ، أَوْ تَعَذُّرِ أَخْذِهِ مِنْهُ لِمَنْعٍ أَوْ نَحْوِهِ (وَ) مِنْ ذَلِكَ (صَنَائِعُ مُبَاحَةٌ مُحْتَاجٌ إلَيْهَا غَالِبًا) لِمَصَالِحِ النَّاسِ الدِّينِيَّةِ وَالدُّنْيَوِيَّةِ الْبَدَنِيَّةِ وَالْمَالِيَّةِ (كَخِيَاطَةٍ وَحِدَادَةٍ وَبِنَاءٍ وَزَرْعٍ وَغَرْسٍ) لِأَنَّ أَمْرَ الْمَعَادِ وَالْمَعَاشِ لَا يَنْتَظِمُ إلَّا بِذَلِكَ، فَإِذَا قَامَ بِذَلِكَ أَهْلُهُ بِنِيَّةِ التَّقَرُّبِ كَانَ طَاعَةً، وَإِلَّا فَلَا (وَ) مِنْ ذَلِكَ إقَامَةُ الدَّعْوَةِ إلَى دِينِ الْإِسْلَامِ (كَدَفْعِ شُبَهٍ بِحُجَّةٍ وَسَيْفٍ) لِمَنْ عَانَدَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل: ١٢٥] (وَ) مِنْهُ (أَمْرٌ بِمَعْرُوفٍ) وَنَهْيٌ عَنْ مُنْكَرٍ بِشَرْطِهِ. وَالْمَعْرُوفُ: كُلُّ مَا أُمِرَ بِهِ بِهِ شَرْعًا، وَالْمُنْكَرُ: كُلُّ مَا نُهِيَ عَنْهُ شَرْعًا، فَيَجِبُ عَلَى مَنْ عَلِمَهُ جَزْمًا، وَشَاهَدَهُ وَعَرَفَ مَا يُنْكَرُ، وَلَمْ يَخَفْ أَذًى، قَالَ الْقَاضِي: وَلَا يَسْقُطُ فَرْضُهُ بِالتَّوَهُّمِ، فَلَوْ قِيلَ لَهُ: لَا تَأْمُرْ عَلِيًّا بِالْمَعْرُوفِ فَإِنَّهُ يَقْتُلُك، لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ لِذَلِكَ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي آخِرِ الْإِرْشَادِ: مِنْ شَرْطِ الْإِنْكَارِ أَنْ يُعْلَمَ أَوْ يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ لَا يُفْضِي إلَى مَفْسَدَةٍ، قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ الْجَمَاعَةِ: إذَا أَمَرْت أَوْ نَهَيْت فَلَمْ يَنْتَهِ فَلَا تَرْفَعْهُ إلَى السُّلْطَانِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute