وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْمُجَلَّدِ التَّاسِعَ عَشَرَ مِنْ الْفُنُونِ: أَنَا أَقُولُ: الْمُطَالَبَةُ فِي الْآخِرَةِ فَرْعٌ عَلَى مُطَالَبَةِ الدُّنْيَا وَكُلُّ حَقٍّ لَمْ يَثْبُتْ فِي الدُّنْيَا فَلَا ثَبَاتَ لَهُ فِي الْآخِرَةِ، وَقَالَ بَعْدَ كَلَامٍ طَوِيلٍ: كُلُّ حَقٍّ مُوَسَّعٌ لَا يَحْصُلُ بِتَأْخِيرِهِ فِي زَمَانِ السَّعَةِ وَالْمُهْلَةِ نَوْعُ مَأْثَمٍ، بِدَلِيلِ مَنْ مَاتَ قَبْلَ خُرُوجِ وَقْتِ الصَّلَاةِ، بِخِلَافِ مَنْ مَاتَ بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ مَعَ التَّأْخِيرِ وَإِمْكَانِ الْأَدَاءِ، قَالَ أَيْضًا: الْمُعْسِرُ الْعَازِمُ عَلَى قَضَاءِ دَيْنِهِ مَتَى اسْتَطَاعَ إذَا مَاتَ قَبْلَ الْيَسَارِ، وَعَزَمَ عَلَى الْقَضَاءِ، قَامَ الْعَزْمُ فِي دَفْعِ مَأْثَمِهِ مَقَامَ الْقَضَاءِ، فَلَا مَأْثَمَ. انْتَهَى. وَقَالَ أَبُو يَعْلَى الصَّغِيرُ فِي مَسْأَلَةِ حِلِّ الدَّيْنِ بِالْمَوْتِ: مَعْنَى كَلَامِ ابْنِ عَقِيلٍ، وَالْحَاصِلُ: أَنَّ كَلَامَ الْأَصْحَابِ كَمَا تَرَى صَرِيحٌ فِي عَدَمِ الْمُطَالَبَةِ فِي الْآخِرَةِ. وَاخْتَلَفَ كَلَامُهُمْ: هَلْ تُعْتَبَرُ الْقُدْرَةُ عَلَى الْوَفَاءِ أَوْ الْمُطَالَبَةِ، فَظَاهِرُ كَلَامِ الْآجُرِّيُّ وَالْمَجْدِ: اعْتِبَارُ الْقُدْرَةِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ عَقِيلٍ وَأَبِي يَعْلَى الصَّغِيرِ، بَلْ صَرِيحُهُ: اعْتِبَارُ الْمُطَالَبَةِ مِنْ رَبِّ الدَّيْنِ، فَإِذَا لَمْ يُطَالِبْ الدَّائِنُ الْمَدِينَ حَتَّى مَاتَ، وَتَعَذَّرَ الِاسْتِيفَاءُ، لَمْ يَكُنْ الْمَدِينُ مُؤَاخَذًا إنْ كَانَ قَادِرًا كَمَا فَهِمَهُ صَاحِبُ الرِّعَايَةِ مِنْ كَلَامِ ابْنِ عَقِيلٍ.
(وَيُغْزَى مَعَ كُلِّ بَرٍّ وَفَاجِرٍ يَحْفَظَانِ الْمُسْلِمِينَ) لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute