للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سِنِينَ، وَإِنْ خِيفَ عَلَى مَنْ يَلِي الْكُفَّارَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، فَلَا يَجُوزُ الِانْصِرَافُ عَنْ الْكُفَّارِ، لِئَلَّا يُسَلِّطُوهُمْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ.

(وَسُنَّ دَعْوَةُ) كُفَّارٍ إلَى الْإِسْلَامِ (قَبْلَ قِتَالٍ لِمَنْ بَلَغَتْهُ) الدَّعْوَةُ قَطْعًا لِحُجَّتِهِ (وَتَجِبُ) الدَّعْوَةُ (لِمَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ) لِحَدِيثِ بُرَيْدَةَ قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا بَعَثَ أَمِيرًا عَلَى سَرِيَّةٍ أَوْ جَيْشٍ أَمَرَهُ بِتَقْوَى اللَّهِ تَعَالَى فِي خَاصَّةِ نَفْسِهِ، وَبِمَنْ مَعَهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، وَقَالَ: إذَا لَقِيتَ عَدُوَّك مِنْ الْمُشْرِكِينَ فَادْعُهُمْ إلَى إحْدَى ثَلَاثٍ، فَإِنْ هُمْ أَجَابُوك إلَيْهَا فَاقْبَلْ مِنْهُمْ، وَكُفَّ عَنْهُمْ: اُدْعُهُمْ إلَى الْإِسْلَامِ، فَإِنْ هُمْ أَبَوْا، فَادْعُهُمْ إلَى إعْطَاءِ الْجِزْيَةِ، فَإِنْ أَجَابُوك فَاقْبَلْ مِنْهُمْ، وَكُفَّ عَنْهُمْ، فَإِنْ أَبَوْا فَاسْتَعِنْ بِاَللَّهِ وَقَاتِلْهُمْ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ (مَا لَمْ يَبْدَءُونَا) أَيْ: يَقْصِدُونَا (بَغْتَةً فِيهِمَا) أَيْ: فِي الِاسْتِحْبَابِ وَالْوُجُوبِ، قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ: وُجُوبُ الدَّعْوَةِ وَاسْتِحْبَابُهَا بِمَا إذَا قَصَدَ الْمُسْلِمُونَ الْكُفَّارَ، أَمَّا إذَا كَانَ الْكُفَّارُ قَاصِدِينَ بِالْقِتَالِ، فَلِلْمُسْلِمِينَ قِتَالُهُمْ مِنْ غَيْرِ دَعْوَةٍ دَفْعًا عَنْ نُفُوسِهِمْ وَحَرِيمِهِمْ.

(وَأَمْرُ الْجِهَادِ مُفَوَّضٌ لِلْإِمَامِ وَاجْتِهَادِهِ) لِأَنَّهُ أَعْرَفُ بِحَالِ النَّاسِ، وَحَالِ الْعَدُوِّ وَنِكَايَتِهِمْ، وَقُرْبِهِمْ وَبُعْدِهِمْ (وَيَلْزَمُ الرَّعِيَّةَ طَاعَتُهُ فِيمَا يَرَاهُ مِنْهُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء: ٥٩] وقَوْله تَعَالَى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ} [النور: ٦٢] (وَيَنْبَغِي أَنْ يُرَتِّبَ قَوْمًا بِأَطْرَافِ الْبِلَادِ يَكْفُونَ مَنْ بِإِزَائِهِمْ مِنْ كُفَّارٍ وَيَعْمَلُ حُصُونَهُمْ وَ) يَحْفِرُ (خَنَادِقَهُمْ وَجَمِيعَ مَصَالِحِهِمْ) لِأَنَّ أَهَمَّ الْأُمُورِ الْأَمْنُ، وَهَذَا طَرِيقُهُ (وَيُؤَمِّرُ فِي كُلِّ نَاحِيَةٍ أَمِيرًا يُقَلِّدُهُ أَمْرَ الْحَرْبِ) وَتَدْبِيرَ الْجِهَادِ يَكُونُ (ذَا رَأْيٍ وَعَقْلٍ وَخِبْرَةٍ بِهِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>