للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِهَا (بِلَا مَحْرَمٍ) وَإِنْ لَمْ تَأْمَنْهُمْ، جَازَ الْخُرُوجُ حَتَّى وَحْدَهَا، قَالَهُ الْمَجْدُ وَغَيْرُهُ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ، بَلْ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي الْإِنْصَافِ وَغَيْرِهِ.

(وَحَرُمَ سَفَرٌ إلَيْهِ) أَيْ: إلَى مَحَلٍّ يَغْلِبُ فِيهِ حُكْمُ كُفْرٍ أَوْ بِدَعٍ مُضِلَّةٍ، وَلَا يَقْدِرُ عَلَى إظْهَارِ دِينِهِ بِهِ، (وَلَوْ) كَانَ سَفَرُهُ (لِتِجَارَةٍ) لِأَنَّ رِبْحَهُ الْمَظْنُونَ لَا يَفِي بِخُسْرَانِهِ الْمُحَقَّقِ فِي دِينِهِ (وَإِنْ قَدَرَ عَلَى إظْهَارِ دِينِهِ) بِذَلِكَ الْمَحِلِّ (كُرِهَ) لَهُ ذَلِكَ، لِمَا فِيهِ مِنْ مُخَالَطَةِ الْمُجْرِمِينَ، وَالنَّظَرِ إلَى أَعْدَاءِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

(وَلَا يَتَطَوَّعُ بِجِهَادٍ مَدِينٍ آدَمِيٌّ لَا وَفَاءَ لَهُ) حَالًّا كَانَ الدَّيْنُ أَوْ مُؤَجَّلًا، لِأَنَّ الْجِهَادَ يُقْصَدُ مِنْهُ الشَّهَادَةُ، فَتَفُوتُ بِهِ النَّفْسُ فَيَفُوتُ الْحَقُّ، فَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ لِلَّهِ أَوْ لِآدَمِيٍّ، وَلَهُ وَفَاءٌ جَازَ لَهُ التَّطَوُّعُ (إلَّا مَعَ إذْنِ) رَبِّ الدَّيْنِ، فَيَجُوزُ لِرِضَاهُ (أَوْ) مَعَ (رَهْنٍ يُحْرَزُ) بِأَنْ يُمْكِنُ وَفَاؤُهُ مِنْهُ (أَوْ) مَعَ (كَفِيلٍ مَلِيءٍ) بِالدَّيْنِ، فَيَجُوزُ إذَنْ لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ عَلَى رَبِّ الدَّيْنِ، فَإِنْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ الْجِهَادُ، فَلَا إذْنَ لِغَرِيمِهِ، لِتَعَلُّقِ الْجِهَادِ بِعَيْنِهِ، فَيُقَدَّمُ عَلَى مَا فِي ذِمَّتِهِ كَسَائِرِ فُرُوضِ الْأَعْيَانِ، وَلَا يَتَطَوَّعُ بِجِهَادٍ مِنْ أَحَدِ أَبَوَيْهِ (حُرٌّ مُسْلِمٌ عَاقِلٌ إلَّا بِإِذْنِهِ) لِمَا رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، قَالَ: «جَاءَ رَجُلٌ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أُجَاهِدُ؟ فَقَالَ: لَكَ أَبَوَانِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَفِيهِمَا فَجَاهِدْ» وَرَوَى الْبُخَارِيُّ مَعْنَاهُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، وَلِأَنَّ بِرَّ الْوَالِدَيْنِ فَرْضُ عَيْنٍ، وَالْجِهَادَ فَرْضُ كِفَايَةٍ، فَإِنْ كَانَا رَقِيقَيْنِ أَوْ غَيْرَ مُسْلِمَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا كَذَلِكَ، فَلَا إذْنَ لِفِعْلِ الصَّحَابَةِ وَلِعَدَمِ الْوِلَايَةِ (إلَّا إنْ تَعَيَّنَ) عَلَيْهِ الْجِهَادُ، لِحُضُورِ

<<  <  ج: ص:  >  >>