قَدِمَ الْجَابِيَةَ، فَأَرَادَ قَسْمَ الْأَرْضِينَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، فَقَالَ لَهُ مُعَاذٌ: وَاَللَّهِ إذَنْ لَيَكُونَنَّ مَا تَكْرَهُ، إنَّك إنْ قَسَمْتَهَا الْيَوْمَ صَارَ الرِّيعُ الْعَظِيمُ فِي أَيْدِي الْقَوْمِ، ثُمَّ يَبِيدُونَ فَيَصِيرُ ذَلِكَ إلَى الرَّجُلِ الْوَاحِدِ وَالْمَرْأَةِ، ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِهِمْ قَوْمٌ يَسُدُّونَ مِنْ الْإِسْلَامِ مَسَدًّا، وَهُوَ لَا يَجِدُونَ شَيْئًا فَانْظُرْ أَمْرًا يَسَعُ أَوَّلَهُمْ وَآخِرَهُمْ، فَصَارَ عُمَرُ إلَى قَوْلِ مُعَاذٍ، وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْ الْمَاجِشُونِ، قَالَ بِلَالٌ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي الْقُرَى الَّتِي افْتَتَحُوهَا عَنْوَةً: اقْسِمْهَا بَيْنَنَا، وَخُذْ خُمُسَهَا، فَقَالَ عُمَرُ: لَا، وَلَكِنَّنِي أَحْبِسُهُ، فَيَجْرِي عَلَيْهِمْ وَعَلَى الْمُسْلِمِينَ، فَقَالَ بِلَالٌ وَأَصْحَابُهُ: اقْسِمْهَا، فَقَالَ عُمَرُ: اللَّهُمَّ اكْفِينِي بِلَالًا وَذَوِيهِ، فَمَا حَالَ الْحَوْلُ وَمِنْهُمْ عَيْنٌ تَطْرُفُ.
(وَلَيْسَ لِأَحَدٍ نَقْضُهُ) ، لِأَنَّهُ حُكْمٌ، (وَلَا نَقْضُ مَا فَعَلَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ وَقْفٍ أَوْ قِسْمَةٍ، أَوْ فَعَلَهُ الْأَئِمَّةُ بَعْدَهُ وَلَا تَغْيِيرُهُ) ، أَيْ: تَغْيِيرُ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ، لِأَنَّهُ نَقْضٌ لِلْحُكْمِ اللَّازِمِ، وَإِنَّمَا التَّخْيِيرُ وَالِاخْتِلَافُ فِيمَا اُسْتُؤْنِفَ فَتْحُهُ (الثَّانِيَةُ: مَا جَلَوَا) ، أَيْ: أَهْلَهَا (عَنْهَا خَوْفًا مِنَّا، وَحُكْمُهَا كَالْأُولَى) فِي التَّخْيِيرِ الْمَذْكُورِ قِيَاسًا عَلَيْهَا، (لَا أَنَّهَا تَصِيرُ وَقْفًا بِنَفْسِ الِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهَا) ، صَرَّحَ بِهِ الْجَمَاعَةُ وَقَطَعَ بِهِ فِي " التَّنْقِيحِ " وَتَبِعَهُ فِي الْمُنْتَهَى " وَصَحَّحَهُ فِي شَرْحِهِ، قَالَ فِي " الْمُبْدِعِ ": لَكِنْ لَا تَصِيرُ وَقْفًا إلَّا بِوَقْفِ الْإِمَامِ لَهَا، لِأَنَّ الْوَقْفَ لَا يَثْبُتُ بِنَفْسِهِ، (خِلَافًا لَهُ) ، أَيْ: لِصَاحِبِ " الْإِقْنَاعِ " حَيْثُ جَزَمَ أَنَّهَا تَصِيرُ وَقْفًا بِنَفْسِ الظُّهُورِ عَلَيْهَا تَبَعًا لِلْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ، (وَيَأْتِي فِي الْبُيُوعِ أَنَّ مِصْرَ وَالشَّامَ وَالْعِرَاقَ وَقْفُ) الْإِمَامِ (عُمَرُ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.
(الثَّالِثَةُ: الْمُصَالَحُ عَلَيْهَا) ، وَهِيَ نَوْعَانِ: (فَمَا صُولِحُوا عَلَى أَنَّهَا) ، أَيْ: الْأَرْضَ (لَنَا) وَنُقِرُّهَا مَعَهُمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute