لِأَنَّ الْخَرَاجَ فِي نَظِيرِ النَّفْعِ كَمَا تَقَدَّمَ، (وَإِذَا لَمْ يُمْكِنْ النَّفْعُ بِهِ بِبَيْعٍ أَوْ إجَارَةٍ أَوْ عِمَارَةٍ أَوْ غَيْرِهِ لَمْ تَجُزْ الْمُطَالَبَةُ بِالْخَرَاجِ انْتَهَى) لِأَنَّ مَا لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ لَا خَرَاجَ لَهُ.
(وَ) يَجِبُ (الْخَرَاجُ عَلَى مَالِكٍ دُونَ مُسْتَأْجِرٍ وَمُسْتَعِيرٍ) ، لِأَنَّهُ عَلَى رَقَبَةِ الْأَرْضِ كَفِطْرَةِ الْعَبْدِ، (وَهُوَ) ، أَيْ: الْخَرَاجُ (كَالدَّيْنِ) قَالَ أَحْمَدُ: يُؤَدِّيهِ، ثُمَّ يُزَكِّي مَا بَقِيَ (يُحْبَسُ بِهِ مُوسِرٌ) ، لِأَنَّهُ حَقٌّ عَلَيْهِ، أَشْبَهَ أُجْرَةَ الْمَسَاكِنِ، (وَيُنْظَرُ بِهِ مُعْسِرٌ) ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [البقرة: ٢٨٠] (وَمَنْ بِيَدِهِ أَرْضٌ خَرَاجِيَّةٌ فَهُوَ) وَمَنْ يَنْقُلُهَا إلَيْهِ (أَحَقُّ بِهَا بِالْخَرَاجِ كَالْمُسْتَأْجِرِ) إلَّا أَنَّ مُدَّةَ الْإِجَارَةِ لَمْ تُقَدَّرْ لِلْحَاجَةِ، (وَيَرِثُهَا وَرَثَتُهُ كَذَلِكَ) عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي كَانَتْ عَلَيْهِ فِي يَدِ مُوَرِّثِهِمْ كَسَائِرِ حُقُوقِهِ، (وَلَيْسَ لِلْإِمَامِ أَخْذُهَا) ، أَيْ: الْأَرْضُ، (مِنْهُ وَدَفْعُهَا لِغَيْرِهِ) ، لِأَنَّهُ تَخْصِيصٌ مِنْ غَيْرِ مُخَصِّصٍ، (فَإِنْ آثَرَ) الَّذِي بِيَدِهِ أَرْضٌ خَرَاجِيَّةٌ (بِهَا أَحَدًا صَارَ الثَّانِي أَحَقَّ بِهَا) مِنْ غَيْرِهِ، لِقِيَامِهِ مَقَامَ الْأَوَّلِ، (كَمَا يَأْتِي فِي) بَابِ إحْيَاءِ (الْمَوَاتِ) مُفَصَّلًا.
(وَمَنْ عَجَزَ عَنْ عِمَارَةِ أَرْضِهِ) الْخَرَاجِيَّةِ (أُجْبِرَ عَلَى إجَارَتِهَا) لِمَنْ يَعْمُرُهَا، (أَوْ) عَلَى (رَفْعِ يَدِهِ عَنْهَا لِتُدْفَعَ لِمَنْ يَعْمُرُهَا وَيَقُومُ بِخَرَاجِهَا) ، لِأَنَّ الْأَرْضَ لِلْمُسْلِمِينَ فَلَا يُعَطِّلُهَا عَلَيْهِمْ.
(وَكُرِهَ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَتَقَبَّلَ أَرْضًا خَرَاجِيَّةً بِمَا عَلَيْهَا مِنْ خَرَاجٍ لِأَنَّ إعْطَاءَهُ فِي مَعْنَى الْمَذَلَّةِ)
تَتِمَّةٌ: إنْ اخْتَلَفَ الْعَامِلُ وَرَبُّ الْأَرْضِ فِي كَوْنِهَا خَرَاجِيَّةً أَوْ عُشْرِيَّةً، وَأَمْكَنَ قَوْلُ كُلٍّ مِنْهُمَا، فَقَوْلُ رَبِّ الْأَرْضِ فَإِنْ اتَّهَمَ اسْتَحْلَفَ.
وَيَجُوزُ أَنْ يَعْتَمِدَ فِي مِثْلِ هَذَا عَلَى الشَّوَاهِدِ الدِّيوَانِيَّةِ السُّلْطَانِيَّةِ إذَا عَلِمَ صِحَّتَهَا، وَوَثِقَ بِكِتَابَتِهَا، وَلَمْ يَتَطَرَّقْ إلَيْهَا تُهْمَةٌ.
(وَيَجُوزُ) لِصَاحِبِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute