الْمَوْضِعُ الَّذِي صَدَرَ فِيهِ مَا اعْتَقَدَهُ أَمَانًا نَصًّا، لِئَلَّا يَكُونَ غَدْرًا لَهُ، (وَإِنْ طَلَبَ بِهِ) ، أَيْ: الْأَمَانَ (لِيَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ، وَيَعْرِفَ شَرَائِعَ الْإِسْلَامِ لَزِمَ إجَابَتُهُ، ثُمَّ يُرَدُّ إلَى مَأْمَنِهِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ} [التوبة: ٦] قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: هِيَ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ
(وَمَنْ أُمِّنَ) مِنْ الْكُفَّارِ، بِأَنْ أَمَّنَهُ مُسْلِمٌ (فَرَدَّ الْأَمَانَ) ، بَطَلَ أَمَانُهُ، (أَوْ خَانَنَا) بَعْدَ أَنْ أَمَّنَاهُ، وَقَبِلَ الْأَمَانِ، (وَلَوْ بِصَوْلَتِهِ عَلَى مُسْلِمٍ لِقَتْلِهِ، بَطَلَ أَمَانُهُ) ، لِفَوَاتِ شَرْطِهِ، وَهُوَ عَدَمُ الضَّرَرِ عَلَيْنَا.
(وَيُعْقَدُ) الْأَمَانُ (لِرَسُولٍ وَمُسْتَأْمَنٍ) ، «لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُؤَمِّنَ رُسُلَ الْمُشْرِكِينَ» لِقَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ: «جَاءَ ابْنُ النَّوَّاحَةِ وَابْنُ أَثَالٍ رَسُولَا مُسَيْلِمَةَ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ لَهُمَا: أَتَشْهَدَانِ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ؟ قَالَا: نَشْهَدُ أَنَّ مُسَيْلِمَةَ رَسُولُ اللَّهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: آمَنْت بِاَللَّهِ وَرَسُولِهِ، لَوْ كُنْت قَاتِلًا رَسُولًا لَقَتَلْتُكُمَا» . قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: فَمَضَتْ السُّنَّةُ أَنَّ الرُّسُلَ لَا تُقْتَلُ " رَوَاهُ أَحْمَدُ. وَلِدُعَاءِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ، إذْ لَوْ قَتَلْنَا رُسُلَهُمْ لَقَتَلُوا رُسُلَنَا، فَتَفُوتُ مَصْلَحَةُ الْمُرَاسَلَةِ، (وَلَا جِزْيَةَ عَلَيْهِمَا) ، أَيْ: الرَّسُولُ وَالْمُسْتَأْمَنُ (مُدَّتَهُ) ، أَيْ: مُدَّةَ الْأَمَانِ نَصًّا، لِأَنَّهُمَا لَمْ يَلْتَزِمَاهَا.
(وَمَنْ أَسْلَمَ) قَبْلَ فَتْحٍ وَاشْتَبَهَ، (أَوْ أُعْطِيَ أَمَانًا لِيَفْتَحَ حِصْنًا فَفَتَحَهُ وَاشْتَبَهَ) بِحَرْبِيَّيْنِ، وَادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَنَّهُ هُوَ الَّذِي أَسْلَمَ، أَوْ أُعْطِيَ الْأَمَانُ، (حَرُمَ قَتْلُهُمْ) نَصًّا، (وَ) حَرُمَ (رِقُّهُمْ) لِاشْتِبَاهِ الْمُبَاحِ بِالْمُحَرَّمِ فِيمَا لَا ضَرُورَةَ إلَيْهِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ اشْتَبَهَتْ أُخْتُهُ بِأَجْنَبِيَّاتٍ أَوْ مَيِّتَةٍ بِمُذَكَّاةٍ، قَالَ فِي " الْفُرُوعِ ": (وَيَتَوَجَّهُ مِثْلُهُ) ، أَيْ: الْمُشْتَبَهُ الْمَذْكُورُ (لَوْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute