حَرُمَ عَلَيْهِ خِيَانَتُهُمْ) ، لِأَنَّهُمْ إنَّمَا أَعْطَوْهُ الْأَمَانَ بِشَرْطِ عَدَمِ خِيَانَتِهِمْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مَذْكُورًا فِي اللَّفْظِ فَهُوَ مَعْلُومٌ فِي الْمَعْنَى وَلَا يَصْلُحُ فِي دِينِنَا الْغَدْرُ، (وَ) حَرُمَ عَلَيْهِ (مُعَامَلَتُهُمْ بِالرِّبَا) ، لِعُمُومِ الْأَخْبَارِ، (فَإِنْ خَانَهُمْ) شَيْئًا، (أَوْ سَرَقَ مِنْهُمْ) شَيْئًا (أَوْ اقْتَرَضَ) مِنْهُمْ (شَيْئًا، وَجَبَ رَدُّهُ لِرَبِّهِ) ، فَإِنْ جَاءُوا إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ أَعْطَاهُ لَهُمْ، وَإِلَّا بَعَثَهُ إلَيْهِمْ، لِأَنَّهُ مَالٌ مَعْصُومٌ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ.
(وَإِنْ اقْتَرَضَ حَرْبِيٌّ مِنْ حَرْبِيٍّ) مَالًا، (ثُمَّ أَسْلَمَ، لَزِمَهُ رَدُّ قَرْضٍ) لِاسْتِقْرَارِهِ بِذِمَّتِهِ، كَمَا لَوْ تَزَوَّجَ حَرْبِيَّةً، ثُمَّ أَسْلَمَ لَزِمَهُ رَدُّ مَهْرِهَا إلَيْهَا إنْ كَانَ دَخَلَ بِهَا
(وَإِنْ أَوْدَعَ) مُسْتَأْمَنٌ مَالًا (أَوْ أَقْرَضَ مُسْتَأْمَنٌ مُسْلِمًا، أَوْ) أَوْدَعَ أَوْ أَقْرَضَ مُسْتَأْمَنٌ (ذِمِّيًّا مَالًا أَوْ تَرَكَهُ) ، أَيْ: الْمَالَ بِبِلَادِ الْإِسْلَامِ، (ثُمَّ عَادَ لِدَارِ حَرْبٍ مُسْتَوْطِنًا) أَوْ (عَادَ مُحَارِبًا بَطَلَ أَمَانُهُ وَبَقِيَ أَمَانُ مَالِهِ) ، لِاخْتِصَاصِ الْمُبْطِلِ بِنَفْسِهِ، فَيَخْتَصُّ الْبُطْلَانُ بِهِ وَإِنْ عَادَ لِدَارِ الْحَرْبِ رَسُولًا، أَوْ لِحَاجَةٍ وَنَحْوِهِ، فَهُوَ عَلَى أَمَانِهِ فِي نَفْسِهِ وَمَالِهِ، (وَلَوْ) كَانَ مَا تَرَكَهُ (عِنْدَ ذِمِّيٍّ) ثُمَّ (انْتَقَضَ عَهْدُهُ) لِأَنَّ الذِّمِّيَّ إذَا انْتَقَضَ عَهْدُهُ بَقِيَ أَمَانُ مَا كَانَ مَتْرُوكًا عِنْدَهُ مِنْ مَالِ الْمُسْتَأْمَنِ وَغَيْرِهِ (وَعِبَارَتُهُمَا) ، أَيْ: " الْمُنْتَهَى " " وَالْإِقْنَاعِ " (هُنَا تُوهِمُ) أَنَّ مَالَ الْحَرْبِيِّ وَالذِّمِّيِّ سَوَاءٌ، فَإِنَّهُمَا قَالَا: أَوْ انْتَقَضَ عَهْدُ ذِمِّيٍّ بَقِيَ مَالُهُ، مَعَ أَنَّهُ يَأْتِي فِي آخِرِ أَحْكَامِ الذِّمَّةِ أَنَّ مَالَ الذِّمِّيِّ إذَا انْتَقَضَ عَهْدُهُ فَيْءٌ وَقَالَ فِي الْإِنْصَافِ ": إنَّهُ الْمَذْهَبُ وَقَالَ فِي " الْمُبْدِعِ " وَظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ أَنَّهُ يُنْقَضُ فِي مَالِ الذِّمِّيِّ دُونَ الْحَرْبِيِّ، وَصَحَّحَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، لِأَنَّ الْأَمَانَ ثَبَتَ فِي مَالِ الْحَرْبِيِّ بِدُخُولِهِ مَعَهُ، فَالْأَمَانُ ثَابِتٌ فِيهِ عَلَى وَجْهِ الْأَصَالَةِ، كَمَا لَوْ بَعَثَهُ مَعَ وَكِيلٍ أَوْ مُضَارِبٍ، بِخِلَافِ مَالِ الذِّمِّيِّ، فَإِنَّهُ يَثْبُتُ لَهُ تَبَعًا، لِأَنَّهُ مُكْتَسَبٌ بَعْدَ عَقْدِ ذِمَّتِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute