قَبْضَتِنَا (وَإِنْ سَبَى بَعْضُهُمْ وَلَدَ بَعْضٍ وَبَاعَهُ) ، صَحَّ، (أَوْ) بَاعَ (وَلَدَ نَفْسِهِ) صَحَّ، (أَوْ) بَاعَ (أَهْلَهُ صَحَّ) الْبَيْعُ وَلَنَا شِرَاءُ وَلَدِهِمْ وَأَهْلِهِمْ (كَحَرْبِيٍّ بَاعَ وَلَدَهُ وَأَهْلَهُ) ، فَيَصِحُّ لَنَا شِرَاءُ ذَلِكَ مِنْهُ قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي " حَاشِيَةِ الْفُرُوعِ ": إذَا جَازَ لَهُمْ بَيْعُ وَلَدِهِمْ وَأَهْلِهِمْ، فَالظَّاهِرُ: جَوَازُ هِبَتِهِمْ أَيْضًا، وَهَلْ لِلْحَرْبِيِّ هِبَةُ نَفْسِهِ لِمُسْلِمٍ أَوْ غَيْرِهِ؟ يَتَوَجَّهُ جَوَازُهُ، فَلَوْ وَهَبَتْ امْرَأَةٌ حَرْبِيَّةٌ نَفْسَهَا لِمُسْلِمٍ، مَلَكَهَا، وَجَازَ لَهُ بَيْعُهَا وَوَطْؤُهَا بِنَاءً عَلَى حُصُولِ الْمِلْكِ بَعْدَ ذَلِكَ، لِأَنَّهُ إذَا جَازَ لَهُ بَيْعُ وَلَدِهِ وَهِبَتُهُ، فَهِبَةُ نَفْسِهِ أَوْلَى ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ: أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي بَيْعِ الْوَلَدِ بَيْنَ أَنْ يَبِيعَهُ أَبُوهُ أَوْ أُمُّهُ، وَالظَّاهِرُ: أَنَّ هَذَا الشِّرَاءَ وَالْبَيْعَ لَيْسَ شِرَاءً حَقِيقِيًّا، وَإِنَّمَا هُوَ نَوْعُ كَسْبٍ مِنْ الْكُفَّارِ بِبَذْلِ عِوَضٍ، فَلَا يَثْبُتُ الرِّقُّ فِيهِمْ إلَّا بَعْدَ أَخْذِهِمْ بِالْعِوَضِ أَوْ مَجَّانًا مِنْ بَائِعِهِمْ، أَوْ وَاهِبِهِمْ لِسَبْيِهِمْ، وَإِنَّهُمْ قَبْلَ ذَلِكَ لَا رِقَّ عَلَيْهِمْ بَلْ هُمْ أَحْرَارٌ انْتَهَى وَإِنْ بَاعَ ذِمِّيٌّ وَلَدَهُ أَوْ وَلَدَ غَيْرِهِ أَوْ أَهْلَهُ لَمْ يَصِحَّ، لِأَنَّ عَقْدَ الذِّمَّةِ مُؤَبَّدٌ، فَكَانَ آكُدَ مِنْ الْهُدْنَةِ
(وَإِنْ خِيفَ) مِنْ مُهَادَنِينَ (نَقْضُ عَهْدِهِمْ بِقِتَالٍ لَنَا أَوْ مُظَاهَرَةٍ) عَلَيْنَا، (أَوْ أَمَارَةٍ تَدُلُّ) عَلَى النَّقْضِ، (نُبِذَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ، أَيْ: جَازَ نَبْذُ الْإِمَامِ (إلَيْهِمْ) عَهْدَهُمْ بِأَنْ يُعْلِمَهُمْ أَنْ لَا عَهْدَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ} [الأنفال: ٥٨] ، وَلَا يَصِحُّ نَقْضُهُ إلَّا مِنْ إمَامٍ (بِخِلَافِ ذِمَّةٍ فَلَا) تُنْبَذُ (بِمُجَرَّدِ خَوْفِ) خِيَانَةٍ مِنْ أَهْلِهَا، لِأَنَّ الذِّمَّةَ مُؤَبَّدَةٌ وَتَجِبُ الْإِجَابَةُ إلَى عَقْدِهَا بِطَلَبِهِمْ، وَفِيهَا نَوْعُ مُعَاوَضَةٍ، وَلِهَذَا لَوْ نَقَضَهُ بَعْضُهُمْ لَمْ يُنْقَضْ عَهْدُ الْبَاقِينَ وَأَيْضًا أَهْلُ الذِّمَّةِ فِي قَبْضَةِ الْإِمَامِ وَتَحْتَ وِلَايَتِهِ وَلَا يُخْشَى مِنْهُمْ كَثِيرُ ضَرَرٍ، بِخِلَافِ أَهْلِ الْهُدْنَةِ، (وَيَجِبُ إعْلَامُهُمْ) ، أَيْ: أَهْلِ الْهُدْنَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute