أَخْذِهَا) ، أَيْ: الْجِزْيَةِ.
(وَلَا يَصِحُّ شَرْطُ تَعْجِيلِهَا، وَلَا يَقْتَضِيهِ الْإِطْلَاقُ) ، لِأَنَّا لَا نَأْمَنُ مَنْ نَقْضِ أَمَانِهِ فَيَسْقُطُ حَقُّهُ مِنْ الْعِوَضِ، وَلَا يَشُطُّ عَلَيْهِمْ. رَوَى أَبُو عُبَيْدٍ أَنَّ عَلِيًّا أُتِيَ بِمَالٍ كَثِيرٍ، قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: أَحْسِبُهُ الْجِزْيَةَ، فَقَالَ: إنِّي لَأَظُنُّكُمْ قَدْ أَهْلَكْتُمْ النَّاسَ، قَالُوا: لَا وَاَللَّهِ مَا أَخَذْنَا إلَّا عَفْوًا صَفْوًا، قَالَ: بِلَا سَوْطٍ وَلَا نَوْطٍ؟ قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَجْعَلْ ذَلِكَ عَلَى يَدِي، وَلَا فِي سُلْطَانِي.
(وَيَصِحُّ أَنْ يَشْرِطَ عَلَيْهِمْ) ، أَيْ: أَهْلِ الذِّمَّةِ، (ضِيَافَةَ مَنْ يَمُرُّ بِهِمْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَ) عَلْفَ (دَوَابِّهِمْ) ، لِمَا رَوَى أَحْمَدُ بِإِسْنَادِهِ عَنْ الْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ، أَنَّ عُمَرَ شَرَطَ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ ضِيَافَةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، وَأَنْ يُصْلِحُوا الْقَنَاطِرَ، وَإِنْ قُتِلَ رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ بِأَرْضِهِمْ، فَعَلَيْهِمْ دِيَتُهُ، وَلِأَنَّهُمْ رُبَّمَا امْتَنَعُوا مِنْ ضِيَافَةِ الْمُسْلِمِينَ إضْرَارًا بِهِمْ (وَ) يَصِحُّ (أَنْ يُكْتَفَى بِهَا) ، أَيْ: الضِّيَافَةِ، (عَنْ الْجِزْيَةِ) ، لِحُصُولِ الْغَرَضِ بِهَا، وَلِفِعْلِ عُمَرَ، (وَيُعْتَبَرُ بَيَانُ قَدْرِهَا) ، أَيْ: الضِّيَافَةِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، (وَ) قَدْرُ (أَيَّامِهَا، وَعَدَدُ مَنْ يُضِيفُ مِنْ رِجَالٍ وَفُرْسَانٍ كَ) أَنْ يَقُولَ لَهُمْ: تُضَيِّفُونَ (فِي كُلِّ سَنَةٍ مِائَةُ يَوْمٍ، كُلَّ يَوْمٍ عَشْرَةٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ مِنْ خُبْزِ كَذَا، وَلِلْفَرَسِ مِنْ الشَّعِيرِ كَذَا، وَمِنْ التِّبْنِ كَذَا) ، لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ الْجِزْيَةِ، فَاعْتُبِرَ الْعِلْمُ بِهِ كَالنُّقُودِ، قَالَهُ الْقَاضِي (وَيُبَيِّنُ) لَهُمْ (الْمَنْزِلَ) ، أَيْ: مَنْزِلَ الضِّيفَانِ، (وَمَا عَلَى غَنِيٍّ وَفَقِيرٍ) مِنْ الضِّيَافَةِ كَمَا فِي الْجِزْيَةِ، لِمَا رُوِيَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «ضَرَبَ عَلَى نَصَارَى أَيْلَةَ ثَلَاثِمِائَةِ دِينَارٍ، وَكَانُوا ثَلَاثَمِائَةِ نَفْسٍ، وَأَنْ يُضَيِّفُوا مَنْ يَمُرُّ بِهِمْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ» وَعَنْ عُمَرَ: أَنَّهُ قَضَى عَلَيْهِمْ ضِيَافَةَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَعَلَفَ دَوَابِّهِمْ، وَمَا يُصْلِحُهُمْ.
(وَلَا تَجِبُ) ضِيَافَةٌ عَلَيْهِمْ (بِلَا شَرْطٍ) ، لِأَنَّهُ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ، فَلَا يُكَلَّفُونَهَا مَعَ عَدَمِ الشَّرْطِ، وَلَا يُكَلَّفُونَ الذَّبِيحَةَ، وَلَا أَنْ يُضَيِّفُوا بِأَرْفَعَ مِنْ طَعَامِهِمْ، لِقَوْلِ عُمَرَ: أَطْعِمُوهُمْ مِمَّا تَأْكُلُونَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute