الَّتِي هِيَ بِهَا، (فَإِنْ شَرَطُوا) ، أَيْ: الْكُفَّارُ (الْإِحْدَاثَ) لِبِيعَةٍ أَوْ كَنِيسَةٍ وَنَحْوِهَا (فِيمَا فُتِحَ صُلْحًا عَلَى أَنَّهُ) ، أَيْ: الْبَلَدَ الْمَفْتُوحَ صُلْحًا (لَنَا) ، وَنُقِرُّهُ مَعَهُمْ بِالْخَرَاجِ، (جَازَ) ، لِأَنَّهُ لَمْ يُفْتَحْ إلَّا عَلَى هَذَا الشَّرْطِ، فَوَجَبَ الْوَفَاءُ بِهِ. (وَيُمْنَعُونَ مِنْ بِنَاءِ مَا اسْتُهْدِمَ مِنْهَا) ، أَيْ: الْكَنَائِسِ وَالْبِيَعِ وَنَحْوِهَا (أَوْ هُدِمَ ظُلْمًا) مِنْهَا، (وَلَوْ) كَانَ مَا اسْتُهْدِمَ مِنْهَا أَوْ هُدِمَ ظُلْمًا (كُلُّهَا) ، لِأَنَّهُ بَعْدَ الْهَدْمِ كَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ (كَ) مَا يُمْنَعُونَ مِنْ (زِيَارَتِهَا) ، أَيْ: الْكَنَائِسِ وَنَحْوِهَا، لِأَنَّهُ إحْدَاثٌ فِيهَا لِمَا لَمْ يَكُنْ، فَيَدْخُلُ فِي حَدِيثِ عُمَرَ مَرْفُوعًا، «لَا تُبْنَى كَنِيسَةٌ فِي الْإِسْلَامِ، وَلَا يُجَدَّدُ مَا خَرِبَ مِنْهَا» وَ (لَا) يُمْنَعُونَ (رَمَّ شُعْثَهَا) ، أَيْ: الْكَنَائِسِ وَنَحْوِهَا، لِأَنَّهُمْ مَلَكُوا اسْتِدَامَتَهَا، فَمَلَكُوا رَمَّ شُعْثَهَا. (وَقَالَ الشَّيْخُ) تَقِيُّ الدِّينِ: (الْكَنَائِسُ لَيْسَتْ مِلْكًا لِأَحَدٍ، وَأَهْلُ الذِّمَّةِ لَيْسَ لَهُمْ مَنْعُ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ فِيهَا، لِأَنَّا صَالَحْنَاهُمْ عَلَيْهِ، وَالْعَابِدُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْغَافِلِينَ) عَنْ الْعِبَادَةِ (أَعْظَمُ أَجْرًا) ، وَفِي مَعْنَاهُ الَّتِي تَكْثُرُ فِيهَا الْمَعَاصِي لِمَا فِيهِ مِنْ إحْيَائِهَا وَلِهَذَا قِيلَ:
إنِّي اطَّلَعْت عَلَى الْبِقَاعِ وَجَدْتُهَا ... تَشْقَى كَمَا تَشْقَى الرِّجَالُ وَتَسْعَدُ
قَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ: رُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ كَانَ إذَا رَأَى يَهُودِيًّا أَوْ نَصْرَانِيًّا غَمَّضَ عَيْنَيْهِ، وَيَقُولُ: لَا تَأْخُذُوا عَنِّي هَذَا، فَإِنِّي لَمْ أَجِدْهُ عَنْ أَحَدٍ مِمَّنْ تَقَدَّمَ، وَلَكِنْ لَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَرَى مَنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ (وَحَرُمَ بَيْعُهُمْ) وَإِجَارَتُهُمْ (مَا يَعْمَلُونَهُ كَنِيسَةً أَوْ تِمْثَالًا) ، أَيْ: صَنَمًا (وَنَحْوَهُ) ، كَاَلَّذِي يَعْمَلُونَهُ صَلِيبًا، لِأَنَّهُ إعَانَةٌ لَهُمْ عَلَى كُفْرِهِمْ. قَالَ تَعَالَى: {وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة: ٢]
(وَ) يُمْنَعُونَ (مِنْ إظْهَارِ مُنْكَرٍ كَنِكَاحِ مَحَارِمَ، وَ) إظْهَارِ (عِيدٍ، وَ) إظْهَارِ (صَلِيبٍ وَ) إظْهَارِ (أَكْلٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute