مَالِكُهُ، (وَ) هَذَا (قَالَهُ الشَّيْخُ) تَقِيُّ الدِّينِ أَيْضًا، (وَقَالَ فِي بَيْعِ سِلَاحٍ فِي فِتْنَةٍ وَعِنَبٍ لِخَمْرٍ: يُتَصَدَّقُ بِثَمَنِهِ) وَلَا يُرَدُّ لِمَالِكِهِ وَلَا لِلْبَائِعِ زَجْرًا لَهُمَا عَنْ ارْتِكَابِ مَا حَرَّمَ اللَّهُ، (كَذَا قَالَ) فِي مَوْضِعٍ مِنْ كَلَامِهِ. وَقَوَاعِدُ الْمَذْهَبِ فِي بَيْعِ السِّلَاحِ فِي الْفِتْنَةِ وَالْعِنَبِ لِلْخَمْرِ تَقْتَضِي بُطْلَانَ الْعَقْدِ، وَرَدَّ الثَّمَنِ الَّذِي قُبِضَ لِلْمُشْتَرِي وَالْمُثَمَّنِ لِلْبَائِعِ إنْ كَانَ بَاقِيًا، وَإِنْ تَلِفَ فَيَبْقَى الثَّمَنُ بِيَدِ الْبَائِعِ، لِئَلَّا يَذْهَبَ عَلَيْهِ مَالُهُ مَجَّانًا، وَإِنْ كَانَ لَمْ يَقْبِضْ فَيُقْضَى لِلْبَائِعِ بِعِوَضِهِ، بِخِلَافِ ثَمَنِ الْخَمْرِ وَمَهْرِ الْبَغْيِ، وَأُجْرَةِ الْمَلُوطِ بِهِ وَالنَّائِحَةِ وَالْمُغَنِّيَةِ، وَحُلْوَانِ الْكَاهِنِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ لَا يُقْضَى فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ، لِأَنَّهَا مُحَرَّمَةٌ فِي نَفْسِهَا، كَبَائِعِ نَحْوِ الْمَيْتَةِ أَوْ الْخِنْزِيرِ، فَإِنَّهُ لَا يُقْضَى لَهُ بِثَمَنِهَا، لِأَنَّ نَفْسَ هَذِهِ الْعَيْنِ مُحَرَّمَةٌ، أَفَادَهُ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي أَحْكَامِ أَهْلِ الذِّمَّةِ، وَمَشَى عَلَيْهِ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ.
(وَيُمْنَعُونَ) ، أَيْ: الْكُفَّارُ، (دُخُولُ حَرَمِ مَكَّةَ) بِحُدُودِهِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْحَجِّ لَا الْمَسْجِدِ (فَقَطْ) ، أَيْ: وَلَا حَرَمِ الْمَدِينَةِ، وَلَوْ كَانَ دُخُولُهُمْ حَرَمَ مَكَّةَ لِلْإِسْلَامِ، كَمَا فِي " الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ " لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا} [التوبة: ٢٨] وَالْمُرَادُ حَرَمُ مَكَّةَ {وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً} [التوبة: ٢٨] ، أَيْ: ضَرَرًا بِتَأْخِيرِ الْجَلْبِ وَيُؤَيِّدُهُ: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [الإسراء: ١] ، أَيْ: الْحَرَمِ، لِأَنَّهُ «أُسْرِيَ بِهِ مِنْ بَيْتِ أُمِّ هَانِئٍ» ، وَإِنَّمَا مُنِعَ مِنْهُ دُونَ الْحِجَازِ، لِأَنَّهُ أَفْضَلُ أَمَاكِنِ الْعِبَادَاتِ لِلْمُسْلِمِينَ، وَأَعْظَمُهَا، لِأَنَّهُ مَحَلُّ النُّسُكِ، فَوَجَبَ أَنْ يُمْنَعَ مِنْهُ مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهِ، سَوَاءٌ أَذِنَ بِالدُّخُولِ مُسْلِمٌ أَوْ لَا، لِإِقَامَةٍ أَوْ غَيْرِهَا، (وَلَوْ بَذَلُوا مَالًا) لِأَجْلِ الدُّخُولِ (أَوْ صُولِحُوا عَلَيْهِ) ، أَيْ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute