أَهْلِ الذِّمَّةِ فِي أَمْوَالِهِمْ الَّتِي يَخْتَلِفُونَ فِيهَا فِي كُلِّ عِشْرِينَ دِرْهَمًا دِرْهَمًا " وَكَانَ ذَلِكَ بِالْعِرَاقِ، وَاشْتُهِرَ وَلَمْ يُنْكَرْ، فَكَانَ إجْمَاعًا، وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يُؤْخَذُ مِنْهُمْ شَيْءٌ مِمَّا مَعَهُمْ لِغَيْرِ تِجَارَةٍ نَصًّا، وَلَا فِيمَا اتَّجَرُوا فِيهِ مِنْ غَيْرِ سَفَرٍ.
(وَيَمْنَعُهُ) ، أَيْ: وُجُوبَ نِصْفِ الْعُشْرِ (دَيْنٌ كَزَكَاةٍ) ، فَلَا يُؤْخَذُ شَيْءٌ مِمَّا يُقَابِلُهُ (إنْ ثَبَتَ) الدَّيْنُ (بِبَيِّنَةٍ) ، فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِيهِ، إذْ الْأَصْلُ عَدَمُهُ.
(وَيُصَدَّقُ) كَافِرٌ تَاجِرٌ (أَنَّ جَارِيَةً مَعَهُ أَهْلُهُ) ، أَيْ: زَوْجَتُهُ، (أَوْ) أَنَّهَا (بِنْتُهُ، وَنَحْوَهُمَا) كَأُخْتِهِ لِتَعَذُّرِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى ذَلِكَ. وَالْأَصْلُ عَدَمُ مِلْكِهِ لَهَا، فَلَا تُعْشَرُ (وَيُؤْخَذُ مِمَّا مَعَ حَرْبِيٍّ اتَّجَرَ إلَيْنَا الْعُشْرُ) سَوَاءٌ عَشَرُوا أَمْوَالَنَا أَوْ لَا، " لِأَنَّ عُمَرَ أَخَذَ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ الْعُشْرَ " وَاشْتُهِرَ وَلَمْ يُنْكَرْ، فَكَانَ كَالْإِجْمَاعِ. و (لَا) يُؤْخَذُ عُشْرٌ وَلَا نِصْفُهُ (مِنْ أَقَلَّ مِنْ عَشَرَةِ دَنَانِيرَ مَعَهُمَا) ، أَيْ: الذِّمِّيِّ وَالْحَرْبِيِّ، لِأَنَّ الْعَشَرَةَ مَالٌ يَبْلُغُ وَاجِبُهُ نِصْفَ دِينَارٍ فَوَجَبَ فِيهِ كَالْعِشْرِينِ فِي زَكَاةِ مُسْلِمٍ.
(وَلَا) يُؤْخَذُ الْعُشْرُ أَوْ نِصْفُهُ (أَكْثَرَ مِنْ مَرَّةٍ كُلَّ عَامٍ) ، لِمَا رَوَى أَحْمَدُ بِإِسْنَادِهِ " أَنَّ شَيْخًا نَصْرَانِيًّا جَاءَ إلَى عُمَرَ فَقَالَ: إنَّ عَامِلَك عَشَرَنِي فِي السَّنَةِ مَرَّتَيْنِ، قَالَ: وَمَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: أَنَا الشَّيْخُ النَّصْرَانِيُّ، قَالَ: وَأَنَا الشَّيْخُ الْحَنِيفُ. ثُمَّ كَتَبَ إلَى عَامِلِهِ أَنْ لَا يَعْشُرَ فِي السَّنَةِ إلَّا مَرَّةً " وَكَالْجِزْيَةِ وَالزَّكَاةِ. وَمَتَى أَخَذَ مِنْهُمْ كَتَبَ لَهُمْ بَرَاءَةً، لِتَكُونَ حُجَّةً مَعَهُمْ، فَلَا يُعْشَرُونَ ثَانِيًا، لَكِنْ إنْ كَانَ مَعَهُمْ أَكْثَرَ مِنْ الْمَالِ الْأَوَّلِ أُخِذَ مِنْ الزَّائِدِ، لِأَنَّهُ لَمْ يُعْشَرْ.
(وَلَا يُعْشَرُ ثَمَنُ خَمْرٍ، وَ) لَا ثَمَنُ (خِنْزِيرٍ) نَصًّا عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، لِأَنَّهُمَا لَيْسَا بِمَالٍ، وَمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ " وَلُّوهُمْ بَيْعَهَا وَخُذُوا أَنْتُمْ مِنْ الثَّمَنِ " حَمَلَهُ أَبُو عُبَيْدٍ عَلَى مَا كَانَ يُؤْخَذُ مِنْهُمْ جِزْيَةً وَخَرَاجًا، وَاسْتَدَلَّ لَهُ، (وَالْمُرَادُ: مَا لَمْ يَقْبِضُوا ثَمَنَهُمَا) مِمَّنْ يَعْتَقِدُ حِلَّهُمَا، فَيُعْشَرُ كَبَاقِي أَمْوَالِهِمْ، فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute